كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 1)
نشأ الزمخشريّ بزمخشر، ودرس بها، ثمّ رحل إلى بخارى لطلب العلم (¬1)، ثم إلى خراسان حيث اتصل ببعض رجال الدولة السلجوقيّة ومدحهم (¬2)، ثمّ إلى أصفهان حيث مدح ملكها محمَّد بن أبي الفتح ملكشاه (¬3)، ثمّ إلى بغداد حيث ناظر بها وسمع من علمائها (¬4)، فإلى مكة حيث اتصل بأميرها أبي الحسن علي بن حمزة بن وهّاس الشريف الحسنيّ، وكان ذا فضل غزير، وله تصانيف مفيدة وقريحة في النظم والنثر مجيدة (¬5)، فتبادلا المديح شعرًا (¬6).
وفي أيام مقامه بالحجاز زار همدان، ومدح آل زرير (¬7)، ثم طوَّف في بلاد العرب، وزار تربة، وهي وادٍ على مسيرة أربع ليالي من الطائف، يقول: "وطئتُ كلّ تربة في أرض العرب، فوجدت تربة أطيب الترب" (¬8).
وبعد إقامته مدة بمكة، شاقه وطنه، فعاد إليه، لكنّه سرعان ما حنّ إلى مكة، فعاد إليها، فقيل له: "قد زجَّيتَ أكثر عمرك هناك، فما الموجب"؟ فقال: "القلب الذي لا أجده ثَمَّ أجده ها هنا" (¬9). وفي أثناء عودته إلى مكة عرّج على الشام، ومدح تاج الملوك بوري طفتكين، صاحب دمشق (¬10).
وفي مكة لقي من ابن وهّاس ما كان يلقاه من قبل من حفاوة وتعظيم، وكان ابن وهّاس يوافقه في مذهبه، فشجعه على تأليف كتابه "الكشاف" (¬11).
وبعد مكّة عاد إلى وطنه ثانية، معرجًا على بغداد سنة 533 هـ (¬12)، وبقي في خوارزم إلى أن أتته المنيّة ليلة عرفة سنة 538 هـ/ 1134م بجرجانيّة، وهي قصبة خوارزم على شاطئ نهر جيحون (¬13). وقد رثاه بعضهم بأبيات، من جملتها [من البسيط]:
فأرضُ مكَّةَ تذري الدمعَ مقلتُها ... حزنًا لفرقةِ جار الله محمودِ (¬14)
وروي أنّه أوصى أن تُكتب على قبره الأبيات التالية [من الكامل]:
يا مَنْ يرى مَدَّ البعوضِ جناحَها ... في ظلمةِ الليلِ البهيمِ الأليلِ
¬__________
(¬1) إنباه الرواة 3/ 368.
(¬2) الزمخشري ص 38 - 40.
(¬3) المرجع نفسه ص 40 - 41.
(¬4) المرجع نفسه ص 42.
(¬5) معجم الأدباء 14/ 86.
(¬6) الزمخشري ص 43.
(¬7) المرجع نفسه ص 43 - 45.
(¬8) أساس البلاغة (ترب).
(¬9) إنباه الرواة 3/ 226.
(¬10) الزمخشري ص 45.
(¬11) انظر مقدمة الكشاف.
(¬12) الزمخشري ص 46.
(¬13) وفيات الأعيان 5/ 173 - 174؛ وبغية الوعاة 2/ 280؛ ومعجم الأدباء 19/ 129؛ وشذرات الذهب 4/ 121.
(¬14) وفيات الأعيان 5/ 173.
الصفحة 7
462