كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (اسم الجزء: 1)

وقال آخر:
كأنّ النيل ذو فهم ولب ... لما يبدو لعين الناس منه
فيأتي حين حاجتهم إليه ... ويمضي حين يستغنون عنه
وقال تميم بن المعتمر:
يوم لنا بالنيل مختصر ... ولكل يوم مسرّة قصر
والسفن تجري كالخيول بنا ... صعدا وجيش الماء منحدر
وكأنما أمواجه عكن ... وكأنما داراته سرر
وقال أيضا:
أما ترى الرعد بكى واشتكى ... والبرق قد أومض واستضحكا
فاشرب على غيم بصنع الدجى ... يضحك وجه الأرض لما بكى
وانظر لماء النيل في مدّه ... كأنما صندل أو مصطكا «1»
وقال آخر:
والله مجرى النيل منه إذا الصبا ... أرينا به من برها عسكرا بحرا
بشط بنهر السمهرية دبلا ... وموج بنهر البيض هندية بترا
إذا مرّ حاكى الورد غضا وإن صفا ... حكى ماءه لونا ولو بعده مرّا
وقال أبو الحسن محمد بن الوزير في تدريج زيادة النيل وعظم منفعته:
أرى أبدا كثيرا من قليل ... وبدرا في الحقيقة من هلال
فلا تعجب فكل خليج ماء ... بمصر مسيب بخليج مال
زيادة أصبع في كل يوم ... زيادة أذرع في حسن حال
وقال الشهاب أحمد بن فضل الله العمري:
بمصر فضل باهر ... لعيشها الرغد النضر
في سفح روض يلتقي ... ماء الحياة والخضر
وقال ابن قلاقس:
انظر إلى الشمس فوق النيل غاربة ... وانظر لما بعدها من حمرة الشفق
غابت وألقت شعاعا منه يخلفها ... كأنما احترقت بالماء في الغرق
وللهلال فها وافى لينفدها ... في إثرها زورق قد صيغ من ورق

الصفحة 119