كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (اسم الجزء: 1)

الأرض ولا علم لأحد منهم بالأرض أي بالثلاثة الأرباع الباقية، والأرض كلها بجميع ما عليها من الجبال، والبحار نسبتها إلى الفلك كنقطة في دائرة، وقد اعتبرت حدود الأقاليم السبعة بساعات النهار، وذلك أن الشمس إذا حلت برأس الحمل، تساوى طول النهار والليل في سائر الأقاليم كلها، فإذا انتقلت في درجات برج الحمل والثور والجوزاء اختلفت ساعات نهار كل إقليم، فإذا بلغت آخر الجوزاء وأوّل برج السرطان، بلغ طول النهار في وسط الإقليم الأوّل ثلاث عشرة ساعة سواء، وصارت في وسط الإقليم الثاني ثلاث عشرة ساعة ونصف ساعة، وفي وسط الإقليم الثالث أربع عشرة ساعة، وصارت في وسط الإقليم الثاني ثلاث عشرة ساعة ونصف ساعة، وفي وسط الإقليم الثالث أربع عشرة ساعة، وفي وسط الإقليم الرابع أربع عشرة ساعة ونصف ساعة، وفي وسط الإقليم الخامس خمس عشرة ساعة، وفي وسط الإقليم السادس خمس عشرة ساعة ونصف ساعة، وفي وسط الإقليم السابع ست عشرة ساعة سواء، وما زاد على ذلك إلى عرض تسعين درجة يصير نهارا كلّه.
ومعنى طول البلد: هو بعدها من أقصى العمارة في الغرب، وعرضها هو بعدها عن خط الاستواء، وخط الاستواء كما تقدّم هو الموضع الذي يكون فيه الليل والنهار طول الزمان سواء، فكل بلد على هذا الخط لا عرض له، وكل بلد في أقصى الغرب لا طول له، ومن أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، مائة وثمانون درجة، وكل بلد يكون طوله تسعين درجة، فإنه في وسط ما بين الشرق والغرب، وكل بلد كان طوله أقل من تسعين درجة فإنه أقرب إلى الغرب وأبعد من الشرق، وما كان طوله من البلاد أكثر من تسعين درجة، فإنه أبعد عن الغرب، وأقرب إلى الشرق.
وقد ذكر القدماء أن العالم السفليّ مقسوم سبعة أقسام، كل قسم يقال له: إقليم، فإقليم الهند لزحل، وإقليم بابل للمشتري، وإقليم الترك للمرّيخ، وإقليم الروم للشمس، وإقليم مصر لعطارد، وإقليم الصين للقمر.
وقال قوم: الحمل والمشتري لبابل، والجدي وعطارد للهند، والأسد والمريخ للترك، والميزان والشمس للروم، ثم صارت القسمة على اثني عشر برجا، فالحمل ومثلاه للمشرق، والثور ومثلاه للجنوب، والجوزاء ومثلاها للمغرب، والسرطان ومثلاه للشمال، قالوا وفي كل إقليم مدينتان عظيمتان بحسب بيتي كل كوكب إلا إقليم الشمس، وإقليم القمر فإنه ليس في كل إقليم منهما سوى مدينة واحدة عظيمة. وجميع مدائن الأقاليم السبعة، وحصونها أحد وعشرون ألف مدينة، وستمائة مدينة وحصن بقدر دقائق درج الفلك.
وقال هرمس: إذا جعلت هذه الدقائق روابع كانت أناس هذه الأقاليم، وإذا مات أحد ولد نظيره ويقال: إن عدد مدن الإقليم الأول من مطلع الشمس وقراها ثلاثة آلاف ومائة

الصفحة 24