كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (اسم الجزء: 1)

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل سيفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإنّ لهم منكم صهرا وذمّة ... » . وروى ابن وهب قال: أخبرني حرملة بن عمران التجيبي عن عبد الرحمن بن شماسة المهريّ قال: سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإنّ لهم ذمّة ورحما فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فأخرجوا منها ... » . قال: فمرّ بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها، وفي رواية:
«ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا افتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمّة ورحما أو قال: ذمّة وصهرا» الحديث، ورواه مالك، والليث وزاد: فاستوصوا بالقبط خيرا. أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر عن ابن وهب. قال ابن شهاب: وكان يقال إنّ أمّ إسماعيل منهم، قال الليث بن سعد: قلت لابن شهاب: ما رحمهم، قال: إن أمّ إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليهما منهم، وقال محمد بن إسحاق «1» : قلت للزهريّ «2» : ما الرحم التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كانت هاجر أمّ إسماعيل منهم، وروى ابن لهيعة من حديث أبي سالم الجيشاني: أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنكم ستكونون أجنادا وإن خير أجنادكم أهل الغرب منكم فاتقوا الله في القبط لا تأكلوهم أكل الخضر» ، وعن مسلم بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «استوصوا بالقبط خيرا فإنكم ستجدونهم نعم الأعوان على قتال العدوّ» ، وعن يزيد بن أبي حبيب: أن أبا سلمة ابن عبد الرحمن حدّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى عند وفاته أن تخرج اليهود من جزيرة العرب، وقال: «الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدّة، وأعوانا في سبيل الله» ، وروى ابن وهب عن موسى بن أيوب الغافقي عن رجل من الرّند: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض فأغمي عليه ثم أفاق فقال: «استوصوا بالأدم الجعد» ثم أغمي عليه الثانية، ثم أفاق فقال مثل ذلك، ثم أغمي عليه الثالثة، فقال مثل ذلك، فقال القوم: لو سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدم الجعد، فأفاق فسألوه، فقال: «قبط مصر، فإنهم أخوال، وأصهار، وهم أعوانكم على عدوّكم وأعوانكم على دينكم» ، قالوا: كيف يكونون أعواننا على ديننا يا رسول الله؟ قال: «يكفونكم أعمال الدنيا وتتفرّغون للعبادة فالراضي بما يؤتى إليهم كالفاعل بهم والكاره لما يؤتى إليهم من الظلم كالمتنزه عنهم» ، وعن عمرو بن حريب وأبي عبد الرحمن الحلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم ستقدمون على قوم جعد رؤوسهم فاستوصوا بهم خيرا فإنهم قوّة لكم وبلاغ إلى عدوّكم بإذن الله» يعني قبط مصر.

الصفحة 47