كتاب تنقيح التحقيق - العلمية (اسم الجزء: 1)

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل وسلم على محمد وآله الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: فهذا كتاب أذكر فيه المسائل والأحاديث التي ذكرها الشيخ الإمام العلامة الحافظ جمال أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله - في كتاب ' التحقيق ' محذوفة الأسانيد في الغالب منه إلى مؤلفي الكتب من الأئمة الحفاظ كالإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم ثم أتبعها بزيادات مفيدة من ذكر من روى الحديث أو صححه أو ضعفه وذكر بعض علل الأحاديث والتنبيه على أحوال رجال سكت عنهم المؤلف وهم غير محتج بهم أو محتج بهم تكلم فيهم وهم صادقون محتج بهم، ورحال وثقهم في موضع وضعفهم في موضع آخر وغير ذلك من الزيادات المحتاج إليها وذلك على وجه الاختصار في الغالب، واكتب في أول الزيادة ' ز ' بالأحمر وآخرها دائرة ' ' بالأحمر أيضا، لكي يتميز من كلام المؤلف، وسميته: ' كتاب تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ' والله أسأل أن ينفع به إنه قريب مجيب، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه إيبت. قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: أحمد الله على الإنعام المترادف وأشكره على الإكرام المتكاثف، حمدا يقوم بشكر التالد والطارف وشكرا يصدر من مقر بالفضل عارف، وكيف لا وبحر فهمي يهمي وكم فهم واقف وبصر تبصري في العلوم ينفي في نقده الزائف. وأصلي على أشرف راكب وملب وطائف محمد الذي شرع أحسم الشرائع ووظف أزين الوظائف وعلى كل من صحبه وتبعه خالفا لسالف. وبعد: فهذا كتاب نذكر فيه مذهبنا في مسائل الخلاف ومذهب المخالف، ونكشف عن دليل المذهبين من النقل كشف مناصف، لا نميل لنا ولا علينا فيما نقول ولا نجازف، وسيحمدنا المطلع عليه إن كان منصفا والواقف، ويعلم أنا أولى بالصحيح من جميع
____________________
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل وسلم على محمد وآله الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم تسليما كثيرا . أما بعد : فهذا الكتاب أذكر فيه المسائل والأحاديث التي ذكرها الشيخ الإمام العلامة الحافظ جمال أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله - في كتاب ' التحقيق ' محذوفة الأسانيد في الغالب منه إلى مؤلفي الكتب من الأئمة الحفاظ كالإمام أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، والدارقطني ، وغيرهم ثم أتبعها بزيادات مفيدة من ذكر من روى الحديث أوصححه أو ضعفه وذكر بعض علل الأحاديث والتنبيه على أحوال رجال سكت عنهم المؤلف وهم غير محتج بهم أو محتج بهم تكلم فيهم وهم صادقون محتج بهم ، ورحال وثقهم في موضع وضعفهم في موضع آخر وغير ذلك من الزيادات المحتاج إليها وذلك على وجه الاختصار في الغالب ، واكتب في أول الزيادة ' ز ' بالأحمر وآخرها دائرة ' دائره ' بالأحمر أيضا ، لكي يتميز من كلام المؤلف ، وسميته : ' كتاب تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ' والله أسأل أن ينفع به إنه قريب مجيب ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه إيبت . قال الحافظ أبو الفرج ابن ابن الجوزي رحمه الله : أحمد الله على الإنعام المترادف وأشكره على الإكرام المتكائف ، حمدا يقوم بشكر التالد والطارف وشكرا يصدر من مقر بالفضل عارف ، وكيف لا وبحر فهمي يهمي وكم فهم واقف وبصر تبصري في العلوم ينفي في نقده الزائف . وأصلي على أشرف راكب وملب وطائف محمد الذي شرع أحسم الشرائع ووظف أزين الوظائف وعلى كل من صحبه وتبعه خالفا لسالف . وبعد : فهذا كتاب نذكر فيه مذهبنا في مسائل الخلاف ومذهب المخالف ، ونكشف عن دليل المذهبين من النقل كشف مناصف ، لا نميل لنا ولا علينا فيما نقول ولا نجازف ، وسيحمدنا المطلع عليه إن كان منصفا والواقف ، ويعلم أنا أولى بالصحيح من جميع الطوائف والله الموفق لأرشد الطرق وأهدى المعارف . فصل : كان السبب في إثارة العزم لتصنيف هذا الكتاب أن جماعة من إخواني ومشايخي في الفقه كانوا يسألوني في زمن الصبا جمع أجاديث التعليق وبيان ما صح منها وما طعن فيه ، وكنت أتواني عن هذا لشيئين : إحداهما : اشتغالي بالطلب . والثاني : ظني أن ما في التعاليق في ذلك يكفي . فلما نظرت في التعاليق رأيت بضاعة أكثر الفقهاء في الحديث مزجاة ، يعول أكثرهم على أحاديث لا تصح ويعرض عن الصحاح ، ويقلد بعضهم بعضا فيما ينقل . ثم قد انقسم المتأخرون ثلاثة أقسام : أحدها : قوم غلب عليهم الكسل ورأوا أن في البحث تعبا وكلفة فتعجلوا الراحة واقتنعوا بما سطره غيرهم . والقسم الثاني : قوم لم يهتدوا إلى أمكنة الأحاديث وعلموا الأحاديث وعلموا أنه لا بد من سؤال من يعلم هذا فاستنكفوا عن ذلك . والقسم الثالث : قوم مقصودهم التوسع في الكلام طلبا للتقدم والرئاسة ، واشتغالهم بالجدل والقياس ولا التفات لهم إلى الحديث ، لا إلى تصحيحه ولا إلى الطعن فيه ، وليس هذا شأن من استظهر لدينه وطلب الوثيقة في أمره . ولقد رأيت بعض الأكابر من الفقهاء يقول في تصنيفه - عن ألفاظ قد أخرجت في الصحاح - لا يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذه االألفاظ ، ويرد الحديث الصحيح ويقول : هذا لا يعرف ، وإنما هو لا يعرفه ، ثم رأيته قد استدل بحديث زعم أن البخاري أخرجه وليس كذلك ، ثم نقله عنه مصننف آخر كما قال تقليدا له ، ثم استدل في مسألة فقال ' دليلنا ما روى بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا . ورأيت جمهور مشايخنا يقول دليلنا ما روى أبو بكر الخلال بإسناده عن رسول الله ، ودليلنا ما روى أبو بكر عبد العزيز بإسناده ، ودليلنا ما يروى ابن بطة بإسناده ، وجمهور تلك الأحاديث في الصحاح وفي المسند وفي السنن . غير أن السبب في أقناعهم بهذا : التكاسل عن البحث ، والعجب ممن ليس له شغل سوى مسائل الخلاف ثم اقتصر منها في المناظرة على خمسين مسألة ، وجمهور هذه الخمسين لا يستدل فيها بحديث فما قدر الباقي حتى يتكاسل عن المبالغة في معرفته . فصل : وألوم عندي ممن قد لمته من الفقهاء : جماعة من كبار المحدثين ، عرفوا صحيح النقل وسقيمه ، وصنفوا في ذلك ، فإذا جاء حديث ضعيف يخالف مذهبه بينوا وجه الطعن فيه ، وإن كان موافقا لمذهبهم سكتوا عن الطعن فيه ، وهذا ينبئ عن قلة دين وغلبة هوى . ز : وقد ضعف الحافظ أبو لافرج رحمه الله جماعة في موضع لما كان الحديث يخالف مذهبه ثم احتج بهم في موضع آخر لما كان يوافق مذهبه ( * ) . وقال الدارقطني : ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد ةالسكوني ، قال : سمعت أبي ، قال : سمعت وكيعا يقول : ' أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم ' . قال : وهذا حين شروعنا فيما انتدبنا له من ذكر الأحاديث ، معرضين عن العصبية التي نعتقدها في مثل هذا حراما ، وبعيد مصنف منصف ، ولو ذكرنا كل حديث بجميع طرقه وأشبعنا الكلام فيها لطال ومل ، وإنما هذا موضوع للفقهاء ، وغرضهم يحصل مع الاختصار وللمحدثين فيه خط بقليل من البسط والأسانيد والله الموفق :
____________________

الصفحة 16