إقناعهم بهذا : التكاسل عن البحث ، والعجب ممن ليس له شغل سوى مسائل الخلاف ثم اقتصر منها في المناظرة على خمسين مسألة ، وجمهور هذه الخمسين لا يستدل فيها بحديث فما قدر الباقي حتى يتكاسل عن المبالغة في معرفته . فصل : وألوم عندي ممن قد لمته من الفقهاء : جماعة من كبار المحدثين ، عرفوا صحيح النقل وسقيمه ، وصنفوا في ذلك ، فإذا جاء حديث ضعيف يخالف مذهبه بينوا وجه الطعن فيه ، وإن كان موافقا لمذهبهم سكتوا عن الطعن فيه ، وهذا ينبئ عن قلة دين وغلبة هوى . ز : وقد ضعف الحافظ أبو الفرج رحمه الله جماعة في موضع لما كان الحديث يخالف مذهبه ثم احتج بهم في موضع آخر لما كان يوافق مذهبه ( * ) . وقال الدارقطني : ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد السكوني ، قال : سمعت أبي ، قال : سمعت وكيعا يقول : ' أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم ' . قال : وهذا حين شروعنا فيما انتدبنا له من ذكر الأحاديث ، معرضين عن العصبية التي نعتقدها في مثل هذا حرما ، وبعيد مصنف منصف ، ولو ذكرنا كل حديث بجميع طرقه واشبعنا الكلام فيها لطال ومل ، وإنما هذا موضوع للفقهاء ، وغرضهم يحصل مع الاختصار وللمحدثين فيه حظ بقليل من البسط والأسانيد والله الموفق :
____________________