كتاب تنقيح التحقيق - العلمية (اسم الجزء: 1)


5 - وروى أحمد : ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال : أخبرني إسحاق بن حازم عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله عن النبي .
قال في البحر : ' هو الطهور ماؤه الحل ميتتة ' .
ثم ساق المؤلف حديث أبي هريرة من طريق أحمد .
ز : حديث جابر رواه ابن ماجة ، وأبو حاتم ، والدارقطني ( 1 ) .
وأبو القاسم بن أبي الزناد : صدوق .
وإسحاق بن حازم وثقه أحمد وابن معين ( * ) .
وقد روينا أيضا من حديث أبي بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .
واحتجاج أصحابنا منه : أنه لو أراد بالطهور الطاهر ، لم يكن جوابا عن السؤال .
لأن في الطاهرات ما يجوز التطهر به وما لا يجوز .
فعلم أن ' الطهور ' اسم يختص بما يتطهر به .
ز : قد قيل : إن الطهور لازم لفظا متعد معنى .
قال شيخنا - رضي الله عنه - : والتحقيق في هذا أن يقال : إن الطهور هنا ليس معدولا عن الطاهر حتى يشاركه في اللزوم والتعدي بحسب اصطلاح النحاة كما يقال : ضارب ومضروب ، وآكل ومأكول ، ونائم ونؤوم ، ولكن من أسماء الآلات التي تفعل بها فإنهم يقولون طهور ووجور وسعوط ولدود وفطور وسحور لما يتطهر به ويؤجر به ويلد به ويفطر عليه ويتسحر به ، ويقولون : طهور ووجور وسعوط ولدود وفطور وسحور بالضم للمصدر الذي هو الاسم ما يفعل به بالضم والفتح ، وهذا معروف مشهور عند أهل العلم بالعربية ، وغيرهم من الفقهاء والمحدثين .
وإذا كان كذلك فالطهور اسم لما يتطهر به ، وكذلك قال تعالى في إحدى الآيتين : ( ^ وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) وفي الأخرى : ( ^ وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ) .
وأما اسم طاهر فإنه صفة محضة لازمة لا يدل على ما يتطهر به أصلا فصار الفرق بين الطاهر والطهور من جهة اللزوم والتعدية المعنوية الحكمية الفقهية لا من جهة اللزوم والتعدية النحوية ، وبهذا التحرير يزول الإشكال ويظهر قول من فرق بين طاهر وطهور من هذه الجهة لا كمن سوى بينهما من أصحاب أبي حنيفة ، ولا كمن فرق بينهما تفرق غير جار على مقاييس كلام العرب من أصحاب مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله ، والله أعلم ( * ) .
____________________

الصفحة 21