كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 1)

فأما قولهم: تنسمت منه علما وتنشمت، فليس واحد من الحرفين بدلا من صاحبه، لأن لكل واحد منهما وجها قائما.
ما تنسمت فكأنه من النسيم، كقولك: استروحت منه خبرا، فمعناه أنه تلطف في التماس العلم منه شيئا فشيئا، كهبوب النسيم.
وأما قولهم تنشمت فمن قولهم نشمت في الأمر، أي ابتدأته ولم أوغل1 فيه، وكذلك تنشمت منه، أي ابتدأت بطرف من العلم من عنده ولم أتمكن فيه.
ومن العرب من يبدل كاف المؤنث في الوقف شينا2، حرصا على البيان لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفي في الوقف، فاحتاطوا للبيان بن أبدلوها شينا، فقالوا: عليش ومنش، ومررت بش.
ومنهم من يجري الوصل مجرى الوقف، فيبدل فيه أيضا.
وأنشدوا للمجنون3:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها ... سوى أن عظم الساق منش دقيق4
__________
1 أوغل: أتعمق فيه. مادة "وغل". اللسان "6/ 4880".
2 ما ذكره ابن جني يعرف بظاهرة الكشكشة.
3 المجنون، هو قيس بن الملوح مجنون بني عامر.
4 البيت أحد أربعة أبيات وردت في ديوانه "ص13" طبع بولاق، اختيار أبي بكر الوالبي الأندلسي، وهو في الديوان بالكاف لا بالشين.
الجيد: العنق، ومقدمه، وموضع القلادة، والجمع أجياد. مادة "جيد" اللسان "1/ 737".
الشرح: يصور الشاعر محبوبته في صورة ظبية جميلة، إلا أن محبوبته تفوق الظبية في دقة عظام الساق.
الشاهد في البيت:
"عيناش، جيدش، منش" فقد قلب الكاف شينا، والأصل "عيناك، جيدك، منك".
إعراب الشواهد:
عيناك: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف، والكاف ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.
وجيدك: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة، والكاف ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.
منك: جار ومجرور.

الصفحة 218