كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 1)

حذفهما، فرب زائدة ما يلزم، فلا يجوز حذفه، وكذلك أيضا قولنا خرجت فإذا زيد، الفاء فيه زائدة أيضا.
وأما مذهب الزيادي1 في أن الفاء في قولهم: خرجت فإذا زيد، إنما دخلت الكلام لما فيه من معنى الشرط، ففاسد، وذلك أن قولك خرجت فإذا زيد، لا تجد فيه معنى شرط ولا جزاء، وإنما هو إخبار عن حال ماضية، منقضية، والشرط لا يصح إلا مع الاستقبال، ألا ترى أنك لا تجيز: إن قمت أمس قمت أول من أمس، هذا ونحوه من الكلام الخطأ، ليس يرتكبه أحد، فهذا وجه نراه، صحيح.
وشيء آخر يدل على فساد قول الزيادي، وهو أنه لو كان في الكلام معنى شرط لاستغني بما في إذا من معنى الإتباع عن الفاء، كما استغني عنها في قوله عز اسمه: {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم: 36] ألا ترى أنهم يقولون: لن نفعل، وهي نفي، وسنفعل، ولم يقولوا لن سنفعل، وإن كانت لن نفيا لها، لأنهم استغنوا بما في لن من معنى الاستقبال، عن إعادة السين التي للاستقبال فكذلك كان ينبغي لو كان في الكلام معنى شرط، أن يستغنوا بما في إذا من معنى الإتباع، عن الفاء الموضوعة للإتباع.
وأما مذهب مبرمان في أنها للعطف، فسقوطه أظهر2. وذلك أن الجملة التي هي "خرجت" جملة مركبة من فعل وفاعل. وقولك "فإذا زيد" جملة مركبة من مبتدأ وخبر، فالمبتدأ زيد، وخبره إذا، وحكم المعطوف أن يكون وفق المعطوف عليه، لأن العطف نظير3 التثنية، وليست الجملة المركبة من المبتدأ والخبر، وفق المركبة من الفعل والفاعل، فتعطف عليها.
فإن قيل: ألست تجيز: قام زيد وأخوك محمد، فتعطف إحدى الجملتين على الأخرى وإن اختلفتا بالتركيب، فهلا أجزت أيضا مثل هذا في: خرجت فإذا زيد؟
__________
1 الزيادي: هو أبو إسحاق إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن زياد. عده الزبيدي في الطبقة السابعة من البصريين.
2 أظهر: أي أوضح وأبين. مادة "ظ هـ ر" اللسان "4/ 2767".
3 نظير: مثيل. مادة "نظر". اللسان "6/ 4468".

الصفحة 273