كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 1)

ويدلك على أن الفعل إذا تقدمه اسم ولم يسغ عطفه عليه، اضطر معه إلى إضمار "أن" ليفيدا معا معنى المصدر، فيعطف المصدر الذي هو اسم، على الاسم الذي قبله، قول ميسون بنت بجدل الكلبية:
للبس عباءة وتقر عيني ... أحب إلي من لبس الشفوف1
فكأنها قالت: لأن ألبس عباءة، وأن تقر عيني، أحب إلي من كذا.
ونظير2 ذلك قول الآخر، وهو من أبيات الكتاب أيضا:
فلولا رجال من رزام أعزة ... وآل سبيع أو أسوءك علقما3
أراد: وأن أسوءك. فكأنه قال في البيت الأول: للبس عباءة وقرة عيني: أحب من كذا.
وفي الآخر: ولولا رجال وآل سبيع أو مساءتي إياك، لكان كذا، فالقرة: اسم بمنزلة اللبس، والمساءة: اسم بمنزلة آل سبيع.
__________
1 البيت ينسب لميسون بنت بجدل الكلبية زوج مع معاوية بن أبي سفيان وأم يزيد ابنه وهي بدوية من كلب التي تسكن بادية الشام، ضاقت نفسا لما تسرى عليها معاوية، فعذلها على ذلك، وقال لها: أنت في ملك عظيم وما تدرين قدره، وكنت قبل اليوم في العباءة، فقالت أبياتا منها هذا البيت، وهو من شواهد الكتاب لسيبويه "1/ 426".
الشاهد فيه: نصب "تقر" بإضمار أن ليعطف على اللبس، لأنه اسم، وتقر: فعل، فلم يمكن عطفه عليه، فحمل على إضمار أن، لأن أن وما بعدها اسم، فعطف اسما على اسم، وجعل الخبر عنهما واحدا، وهو أحب.
2 نظير: مثيل. مادة "نظر".
3 رزام: ابن مالك بن حنظلة بن مالك بن عمرو: أبو حي من تميم.
سبيع: هو ابن عمرو بن فتية. علقما: مرخم علقمة.
يقول: لولا هؤلاء الرجال المذكورين لفعلت به كذا وكذا.
الشاهد في قوله: أو أسوءك علقما".
إعراب الشاهد: أو: عاطفة.
أسوء: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد أو، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا، والكاف: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.

الصفحة 284