كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 1)

والآخر: أن بيت النابغة: "كأنك من جمال بني أقيش" اضطررنا فيه إلى إقامة الصفة مقام الموصوف، وبيت الأعشى لم نضطر فيه إلى ذلك، لأنه قد قامت الدلالة المبنية عندنا على استعمالهم الكاف اسما في نحو قول الآخر:
وزعت بكالهراوة أعوجي ... إذا ونت الركاب جرى وثابا1
فدخول حرف الجر عليها يؤكد كونها اسما، وكذلك قول الآخر:
قليل غرار النوم حتى تقلصوا ... على كالقطا الجوني أفزعه الزجر2
__________
1 البيت ذكر في اللسان بغير نسبة "3/ 1965"، ولم نعثر على قائله فيما بين أيدينا من كتب.
وزعت: وزع: وزعا: أي كفه ومنعه وزجره ونهاه. مادة "وز ع" اللسان "6/ 4825".
الهراوة: العصا الضخمة "ج" هراوي. مادة "هـ ر ا" اللسان "6/ 4658".
أعوجي: الأعوج: فرس سابق ركب صغيرا فاعوجت قوائمه. اللسان "4/ 3155".
وقال عنه العرب: أن أعوج من أفضل أنواع الخيل كان في كندة ثم أخذته بنو سليم ثم بنو هلال.
ونت: وني: ونيا: وناء: أي فتر وضعف. مادة "ن وى" اللسان "6/ 4928".
الركاب: الإبل المركوبة أو التي يراد الحمل عليها "ج" ركب وركائب. اللسان "3/ 1713".
وثابا: وثب، يثب وثبا، أي قفز. مادة "وث ب" اللسان "6/ 4762".
الشاعر يقول: أنه رد الأعداء وزاد عن قومه عندما فترت وضعفت باقي الخيل بفرس أصيل قوي ضامر ضخم كالهراوة قادر على الكر والفر والنزال والقتال.
الشاهد فيه قول "بكالهراوة" حيث أن الكاف اسم وليست حرف وهي بمعنى مثل.
إعراب الشاهد: "بالكالهراوة": الباء حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب يدخل على الاسم فيعمل فيه الجر.
الكاف: اسم مجرور بحرف الجر الباء وعلامة الجر الكسرة، وهو: مضاف.
الهراوة: مضاف إليه مجرور بالإضافة.
2 نسب المخصص البيت للأخطل "14: 49".
غرار النوم: القليل من النوم وغيره، ويقال: ما ذقت النوم إلا غرارا. اللسان "5/ 3235".
تقلصوا: تقلص الشيء إذا تدانى وانضم، والمقصود أنهم شمروا ثيابهم واستعدوا.
القطا: "م" القطاة وهو نوع من اليمام يؤثر الحياة في الصحراء ويتخذ أفحوصة في الأرض ويطير جماعات ويقطع مسافات شاسعة ويبيضه مرقط. مادة "ق ط ا" اللسان "5/ 3684".
الجوني: جان: جونا وجونة أي اسود، والجون الأسود "ج" جون. اللسان "1/ 732".
أفزعه: أي أخافه وروعه. مادة "ف ز ع" اللسان "5/ 3409".
الزجر: الكف والنهر، ويقال زجر فلانا أي كفه ومنعه ونهاه وانتهزه.
يقول الأخطل: إن نومي قليل ولذا فأنا أنتبه لأعدائي كذلك النوع من القطا والذي يسمى بالجوني لاسوداد لونه - عندما يفزعه الزجر مع أقل حركة.
الشاهد قوله: كالقطا، حيث إن الكاف اسم وليست حرف وهي هنا بمعنى مثل أي "مثل القطا".

الصفحة 296