كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 1)

تقديره والله أعلم: ليس مثله شيء، فلا بد من زيادة الكاف، ليصح المعنى، لأنك إن لم تعتقد ذلك أثبت له "عز اسمه" مثلا، فزعمت أنه ليس كالذي هو مثله شيء، فيفسد هذا من وجهين: أحدهما ما فيه من إثبات المثل له عز اسمه وعلا علوا عظيما، والآخر أن الشيء إذا أثبت له مثلا فهو مثل مثله، لأن الشيء إذا ماثله شيء، فهو أيضا مماثل لما ماثله، ولو كان ذلك كذلك -على فساد اعتقاد معتقده- لما جاز أن يقال: ليس كمثله شيء، لأنه تعالى مثل مثله، وهو شيء، لأنه تعالى قد سمى نفسه شيئا بقوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} 1 [الأنعام: 19] وذلك أن "أيا" إذا كانت استفهاما، فلا يجوز أن يكون جوابها إلا من جنس ما أضيفت إليه، ألا ترى أنك لو قال لك قائل: أي الطعام أحب إليك؟ لم يجز أن تقول له: الركوب، ولا المشي، ولا نحو ذلك، مما ليس من جنس الطعام. فهذا كله يؤكد عندك أن الكاف في كمثله لا بد أن تكون زائدة.
ومن ذلك أيضا قول رؤبة:
لواحق الأقراب فيا كالمقق2
__________
1 يقول عز وجل أنه لا يوجد أعظم شهادة من الله.
الشاهد فيها: استخدام الشيئية كوصف لله عز وجل.
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: جاء النمام بن زيد وقروم بن كعب وبحري بن عمرو. فقالوا: يا محمد ما نعلم مع الله إلها غيره. فقال: لا إله إلا الله بذلك بعثت وإلى ذلك أدعو، فنزل قوله تعالى: {أَيُّ شَيْءٍ} تفسير وبيان أسباب النزول للسيوطي "ص207".
الشاهد فيها قوله: {شَيْءٍ} وجاءت نكرة لتدل على العموم والشمول لتشمل وتعم كل ما يعلمون من أولئك الذين يصلحون للشهادة فالله أكبر وأعدل وأقوم شهادة.
إعراب الشاهد: شيء: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
2 يقول الشاعر إن في لواحق الأقراب طول.
لواحق: "م" اللحق، وهو ما يجيء بعد شيء يسبقه، وتجمع على لواحق وإلحاق.
الشاهد في قوله: "كالمقق" حيث أن الكاف حرف جر زائد.
إعراب الشاهد: الكاف: حرف جر زائد مبني لا محل له من الإعراب.
المقق: اسم مجرور لفظا بحرف الجر الزائد، مرفوع محلا على الابتداء، والجار والمجرور قبله شبه جملة في محل رفع خبر مقدم.

الصفحة 301