كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 1)

فإن قال قائل: فهل يجوز أن تكون الكاف في قوله "مثل كعصف" مجرورة بإضافة مثل إليها، ويكون "العصف" مجرورا بالكاف، فتكون على هذا قد أضفت كل واحد من مثل ومن الكاف، فيزول عنك الاعتذار لتركهم مثلا غير مضافة، على ما قدمت، ويكون جر الكاف بإضافة مثل إليها، كجرها بدخول الكاف على الكاف في قوله "ككما يؤثفين"، فكما أن الكاف الثانية هنا مجرورة بالأولى، كما انجرت بعلى في قول الآخر:
على كالقطا الجوني أفزعه الزجر1
فكذلك هلا قلت: إن الكاف في مثل "كعصف" مجرورة بإضافة مثل إليها؟
فالجواب: أن قوله "مثل كعصف" قد ثبت أن مثلا أو الكاف فيه زائدة، كما أن إحداهما زائدة في قوله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 2، وإذا ثبت ذلك، فلا يجوز أن تكون مثل هي الزائدة، لأنها اسم، والأسماء لا تزاد، وإنما تزاد الحروف، فإذا لم يجز أن تكون مثل هذه الزائدة، ولم يكن بد من زائد، ثبت أن الكاف هي الزائدة.
وإذا كانت هي الزائدة، فلا بد من أن تكون كما قدمنا حرفا، وإذا كانت حرفا، بطل أن تكون مجرورة، من حيث كانت الحروف لا إعراب في شيء منها، وإذا لم تكن مجرورة بطل أن تكون "مثل" مضافة إليها كما سامنا السائل.
على أن أبا علي قد كان أجاز أن تكون "مثل" مضافة إلى الكاف، وتكون الكاف هنا اسما.
وفيه عندي ضعف، لما ذكرته.
فأما قول الآخر "ككما يؤثفين" فقد استدللنا بدخول الكاف الأولى على الثانية، أن الثانية اسم، وأن الأولى حرف قد جر الثانية، وهو مع ذلك زائد، ولا ينكر، وإن كان زائدا، أن يكون جارا، لما قدمناه من قولهم: ما جاءني من أحد، ولست بقائم.
__________
1 سبق الحديث عن هذا الشاهد.
2 مر الكلام على الآية.

الصفحة 310