كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 1)

المسألة الثانية:
قول عمرو بن شأس، وهو من أبيات الكتاب:
وكاء رددنا عنكم من مدجج ... يجيء أمام الألف يردي مقنعا1
وقال الآخر2:
وكاء ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
إن سأل سائل فقال: ما تقول في كاء هذه، وكيف حالها؟ وهل هي مركبة أو بسيطة؟
__________
1 وكاء: أي وكم. رددنا: رد الشيء أي منعه وصرفه وأرجعه.
مدجج: دجج فلان: أي لبس سلاحه. مادة "د ج ج" اللسان "2/ 1328".
يردي: أي يمشي مشية الرديان وهو نوع من المشي فيه زهو وفخار وتبختر، ويقال: فيها رجم للأرض بحوافر الفرس في سيره وعدوه. مادة "ر د ى". اللسان "3/ 1631".
مقنعا: أي لابسا درعه وبيضته وخلافها من الأسلحة التي يتقنع بها عند خوض الحرب ويقال المقنع الذي ستر وجهه ووضع على رأسه بيضة الحديد.
يقول الشاعر: كم من معركة كثيرة هي تلك المعارك التي دافعنا عنكم ورددنا الأعداء عن أهلنا فيها ونحن نتقنع ونلبس الدروع ونمشي مشية الرديان.
والبيت خبري تقريري غرضه الفخر.
الشاهد فيه قوله "كاء" بمعنى كم، وهي كم الخبرية التي تدل على الكثرة.
2 البيت من معلقة زهير بن أبي سلمى، من مزينة، وكان مشهورا برزانته وحبه للسلام، وقد نظم معلقته التي منها هذا البيت على أثر الحرب التي دارت رحاها بين عبس وفزارة بسبب سباق داحي فرس قيس بن زهير سيد بني عبس، والغبراء حجرة حمل بن بدر سيد بني فزارة من غطفان، ذلك أن زهيرا وحملا تراهنا على مائة بعير يدفعها من يخسر السباق إلى من يربحه، وحدث أن سبقت الغبراء، فبعث حمل ابنه مالكا إلى قيس يطلب منه حق السبق فأبى قيس وقتل مالكا ولد حمل فقامت الحرب بين الطرفين إلى أن أصلح بينهما هرم بن سنان والحارث بن عوف ودفعا ديات القتال فنظم زهير معلقته هذه يمدحهما ويرحب بالسلام.
يقول زهير في هذا البيت أنه كم صامت يعجبك صمته فتستحسنه، وإنما تظهر زيادته على غيره ونقصانه عن غيره عند تكلمه.
الشاهد فيه قوله "وكاء" وهي بمعنى كم.

الصفحة 315