كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 1)

فأما الاسم فكاف المذكر والمؤنث المخاطبين. فكاف المذكر مفتوحة، وكاف المؤنث مكسورة، نحو: ضربتك يا رجل، وضربتك يا امرأة، فهذه اسم بدلالة دخول حرف الجر عليها، نحو مررت بك وبك، وعجبت منك ومنك.
وأما الكاف التي هي حرف، فالتي تأتي للخطاب، مجردة من الاسمية، وذلك نحو كاف ذلك، وذاك، وتيك، وتلك، وأولئك.
ومن العرب من يقول: ليسك زيدا، أي ليس زيدا، والكاف لتوكيد الخطاب. ومن ذلك: كاف ذانك وتانك، وأبصرك زيدا أي: أبصر زيدا. وكاف النجاءك، إذا أردت: انج، وكاف قوله عز اسمه: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} 1 [الإسراء: 62] فهذه الكاف في هذه المواضع كلها حرف يفيد الخطاب، وليست باسم، والدلالة على ذلك، أن الكاف لو كانت في ذلك ونحوه من أسماء الإشارة، نحو: تلك وأولئك اسما، لم تخل من أن تكون مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة، فلا يجوز أن تكون مرفوعة، لأن الكاف ليست من ضمير المرفوع، ولا يجوز أيضا أن تكون منصوبة، لأنك إذا قلت: ذلك زيد، فلا ناصب هنا للكاف، ولا يجوز أيضا أن تكون مجرورة، لأن الجر إنما هو في كلامهم من أحد وجهين: إما بحرف جر، وإما بإضافة اسم، ولا حرف جر هنا، ولا يجوز أيضا أن يضاف اسم الإشارة، من قبل أن الغرض في الإضافة إنما هو التعريف، وأسماء الإشارة معارف كلها، فقد استغنت بتعريفها عن إضافتها، وإذا كان من شروط الإضافة أنه لا يضاف الاسم إلا وهو نكرة، فما لا يجوز أن ينكر البتة لا يجوز أيضا أن يضاف البتة، وأسماء الإشارة مما لا يجوز تنكيره، فلا يجوز أيضا إضافته، ولأجل ما ذكرناه أيضا لم تجز إضافة الأسماء المضمرة، لأنها لا تكون إلا معارف.
فإن قلت: فإذا كانت أسماء الإشارة لا تنكر البتة، فما تصنع بما حكاه أبو زيد من قولهم: هؤلاء قوم، ورأيت هؤلاء. قال: فنونوا وكسروا. قال: وهي لغة بني عقيل، والتنوين عندك في هذه المبنيات إنما يجيء علما للتنكير، نحو سيبويه وعمرويه وغاق غاق، وصه، وأيهات، وإيه، وحيهلا، وما أشبه ذلك، فكيف يكون هؤلاء نكرة، وهو اسم إشارة؟ وقد تقدم من قولك ما يمنع تنكير اسم الإشارة.
__________
1 أرأيتك: أي أخبرني. والشاهد فيها زيادة كاف الخطاب للتوكيد.

الصفحة 317