كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 1)

وعن الواقدى من غير حديث أبى الجهم أن أبا سعيد الخدرى سأل عبد الله بن سلام عن الأثر الذى فى المقام، فقال: كانت الحجارة على ما هى عليه اليوم إلا أن الله جل ثناؤه، أراد أن يجعل المقام آية من آياته.
قال أبو الجهم: فلما فرغت يعنى المرأة، من غسل رأس إبراهيم عليه السلام، قال لها:
إذا جاء إسماعيل فقولى له: أثبت عتبة بابك فإن صلاح المنزل العتبة.
فلما جاء إسماعيل قال: هل جاءك أحد بعدى؟ فأخبرته بإبراهيم وما صنعت به، ثم قال لها: هل قال لك أن تقولى لى شيئا؟ قالت: قال لى أثبت عتبة بابك فإن صلاح المنزل العتبة.
ففرح إسماعيل وقال: أتدرين من هو؟ قالت: لا. قال: هذا خليل الله إبراهيم أبى، وأما قوله: «أثبت عتبة بابك» فقد أمرنى أن أقرك وقد كنت على كريمة وقد ازددت على كرامة. فصاحت وبكت، فقال: ما لك؟ قالت: ألا أكون علمت بمن هو فأكرمه وأصنع به غير الذى صنعت! فقال لها إسماعيل: لا تبكى ولا تجزعى فقد أحسنت ولم تكونى تقدرين أن تفعلى فوق الذى فعلت، ولم يكن ليزيدك على الذى صنع بك.
فولدت لإسماعيل عشرة ذكور أحدهم نابت «1» .
فلما بلغ إسماعيل ثلاثين سنة وإبراهيم يومئذ ابن مائة سنة، أوحى الله جل ثناؤه إلى إبراهيم أن ابن لى بيتا. قال إبراهيم: أى رب أين أبنيه؟.
فأوحى الله إليه: أن اتبع السكينة، وهى ريح لها وجه وجناحان ومع إبراهيم الملك والصرد.
فانتهوا بإبراهيم إلى مكة، فنزل إسماعيل إلى الموضع الذى بوأه الله جل وعز، لإبراهيم، وموضع البيت ربوة حمراء مدرة مشرفة على ما حولها.
فحفر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وليس معهما غيرهما، أساس البيت، يريدان أساس آدم الأول.
__________
(1) قال ابن هشام فى السيرة (1/ 24- 28) : حدثنا زياد بن عبد الله البكائى، عن محمد بن إسحاق المطلبى، قال: ولد إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام، اثنى عشر رجلا: نابتا، وكان أكبرهم، وقيذر، وأذبل، وميشا، ومسمغا، وماشى، ودما، وأذر، وطيما، ويطور، ونبش، وقيذما، وأمهم: رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمى. قال ابن هشام: ويقال: مضاض، وجرهم بن قحطان، وقحطان أبو اليمن كلها، وإليه يجتمع نسبها، ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.

الصفحة 40