كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 1)

ثم اضرب الرجل ودعه قاعدا ... أعمى إذا قيد يعنى القائدا
قال: فمات إخوتى تسعة فى تسعة أشهر، فى كل شهر واحد، وبقيت أنا، فعميت، ورمانى الله عز وجل فى رجلى، وكمهت فليس يلائمنى قائد.
قال ابن عباس: فسمعت عمر يقول: سبحان الله إن هذا لهو العجب!
قال: وسمعت عمر يسأل ابن عمهم الذى دعا عليهم، فقال: دعوت عليهم كل ليلة رجب الشهر كله بهذا الدعاء، فأهلكوا فى تسعة أشهر وأصاب الباقى ما أصابه.
قال ابن عباس: وعدا رجل على ابن عم له فاستاق ذودا له، فخرج يطلبه حتى أصابه فى الحرم، فقال: ذودى. فقال اللص: كذبت ليس لك. قال: فاحلف. قال: إذا أحلف. فحلف عند المقام بالله الخالق رب هذا البيت ما هن لك.
فقيل له: لا سبيل لك عليه.
فقام رب الذود بين الركن والمقام باسطا يديه يدعو على صاحبه، فما برح مقامه يدعو عليه حتى دله فذهب عقله، فجعل يصيح بمكة: ما لى وللذود، ما لى ولفلان رب الذود.
فبلغ ذلك عبد المطلب، فجمع الذود فدفعها إلى المظلوم فخرج بها، وبقى الآخر مدلها حتى تردى من جبل فمات فأكلته السباع.
وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه، يقول: لو وجدت قاتل الخطاب فى الحرم ما هجته.
وكان يقول: لأن أذنب بركبة سبعين ذنبا أحب إلى من أن أذنب ذنبا واحدا فى الحرم. وركبه خارج الحرم، محاذية لذات عرق.
وذكر رضى الله عنه، يوما وهو خليفة ما كان يعاقب به من حلف ظلما، يعنى فى الحرم، زمن الجاهلية، فقال: إن الناس ليرتكبون ما هو أعظم منها ثم لا يعجل لهم من العقوبة مثل ما كان يعجل لأولئك، فما ترون ذلك؟
فقالوا: أنت أعلم يا أمير المؤمنين.
قال: إن الله جل ثناؤه، جعل فى الجاهلية، إذ لا دين حرمة حرمها وعظمها وشرفها، وجعل العقوبة لمن استحل شيئا مما حرم، ليتنكب عن انتهاك ما حرم مخافة

الصفحة 47