كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 1)

الْبَرِّ الْجَوَادِ، الَّذِي جَلَّتْ نِعَمُهُ عَنْ الْإِحْصَاءِ بِالْأَعْدَادِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِتَحَقُّقِ الْجِنْسِ فِي الْفَرْدِ الثَّابِتِ لِغَيْرِهِ أَمْ لِلْعَهْدِ كَاَلَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَجَازَهُ الْوَاحِدِيُّ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْحَمْدَ الَّذِي حَمِدَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ، وَحَمِدَهُ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَالْعِبْرَةُ بِحَمْدِ مَنْ ذَكَرَ فَلَا فَرْدَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ، وَأَوْلَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ.

(الْبَرِّ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ الْمُحْسِنِ، وَقِيلَ الصَّادِقُ فِيمَا وَعَدَ، وَقِيلَ خَالِقُ الْبِرِّ بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ، وَقِيلَ: اللَّطِيفُ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي إذَا عُبِدَ أَثَابَ وَإِذَا سُئِلَ أَجَابَ، وَقِيلَ هُوَ الْعَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ بِبِرِّهِ وَلُطْفِهِ (الْجَوَادِ) بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ: أَيْ الْوَاسِعِ الْعَطَاءِ. وَقِيلَ: الْمُتَفَضِّلُ بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا الْمُتَكَفِّلُ لِلْأُمَمِ بِأَرْزَاقِهَا. وَقِيلَ: الْكَثِيرُ الْجُودِ: أَيْ الْعَطَاءِ، وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا ذَكَرَ فِيهِ عَنْ الرَّبِّ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: «وَذَلِكَ أَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ» وَيُجْمَعُ عَلَى: أَجْوَادٍ وَأَجَاوِيدَ، وَجُودٍ (الَّذِي جَلَّتْ) أَيْ عَظُمَتْ، وَالْجَلِيلُ: الْعَظِيمُ (نِعَمُهُ) بِمَعْنَى إنْعَامِهِ: أَيْ إحْسَانِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ نِعْمَتُهُ بِالْإِفْرَادِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] وَأَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى، وَالنِّعْمَةُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْإِحْسَانُ، وَبِفَتْحِ النُّونِ التَّنَعُّمُ، وَبِضَمِّهَا الْمَسَرَّةُ (عَنْ الْإِحْصَاءِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ الضَّبْطِ وَالْإِحَاطَةِ.
قَالَ تَعَالَى: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6] (بِالْأَعْدَادِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ عَدَدٍ: أَيْ نِعَمُ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا يُحْصِيهَا عَدَدٌ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنْ قِيلَ: الْأَعْدَادُ جَمْعُ قِلَّةٍ، وَالشَّيْءُ لَا يَضْبِطُهُ الْعَدَدُ الْقَلِيلُ، وَيَضْبِطُهُ الْكَثِيرُ؛ وَلِذَا

الصفحة 91