كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُرْبَةٌ. وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنْ الْمَالِ، الْعِلْمُ يَحْرُسُك وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ، وَالْمَالُ تُنْقِصُهُ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمُ يَزْكُو بِالْإِنْفَاقِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَنْ لَا يُحِبُّ الْعِلْمَ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَلَا يَكُنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةٌ وَلَا صَدَاقَةٌ فَإِنَّهُ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَمِصْبَاحُ الْبَصَائِرِ، وَقَالَ: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ، وَقَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ، يَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ» قَالَ عَطَاءٌ: مَجَالِسُ الذِّكْرِ هِيَ مَجَالِسُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ كَيْفَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتَنْكِحُ وَتُطَلِّقُ وَتَحُجُّ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ. وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا فَعَلَيْهِ بِالْعِلْمِ، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ فَعَلَيْهِ بِالْعِلْمِ: أَيْ: فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: مَجْلِسُ فِقْهٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً، يَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَسِيرُ الْفِقْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْعِبَادَةِ» وَأَقَاوِيلُهُمْ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ طَلَبَهُ مُرِيدًا بِهِ وَجْهَ اللَّهِ - تَعَالَى - فَمَنْ أَرَادَهُ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ كَمَالٍ أَوْ رِيَاسَةٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ شُهْرَةٍ أَوْ اسْتِمَالَةِ النَّاسِ إلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ مَذْمُومٌ. قَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20] . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ يُرِيدُ بِهِ غَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» أَيْ: لَمْ يَجِدْ رِيحَهَا.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يُكَاثِرَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَا يُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «شِرَارُ النَّاسِ شِرَارُ الْعُلَمَاءِ» وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يَا حَمَلَةَ الْعِلْمِ اعْمَلُوا بِهِ فَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَوَافَقَ عِلْمُهُ عَمَلَهُ، وَسَيَكُونُ أَقْوَامٌ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يُخَالِفُ عَمَلُهُمْ عِلْمَهُمْ وَتُخَالِفُ سَرِيرَتُهُمْ عَلَانِيَتَهُمْ يَجْلِسُونَ حِلَقًا يُبَاهِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ لَيَغْضَبُ عَلَى جَلِيسِهِ أَنْ يَجْلِسَ إلَى غَيْرِهِ وَيَدَعَهُ، أُولَئِكَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تِلْكَ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى -. وَقَالَ سُفْيَانُ: مَا ازْدَادَ عَبْدٌ عِلْمًا فَازْدَادَ فِي الدُّنْيَا رَغْبَةً إلَّا ازْدَادَ مِنْ اللَّهِ بُعْدًا. وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ

الصفحة 99