كتاب المعجم المفصل في شواهد العربية (اسم الجزء: 1)

النقاد والباحثين، أهم المصادر اللغوية، لكننا لا نزعم أننا استطعنا الإحاطة بكل شواهد العربية، فهذه الإحاطة لا يدعيها عاقل، وذلك نظرًا إلى كثرة المصادر في تراثنا اللغوي، وإلى كثرة ما قيل من أشعار في عصر الاحتجاج. ويروي أن عليًا الأحمر، مؤدب الأمين، الخليفة العباسي، كان يحفظ أربعين ألف شاهد في النحو (¬1)، وأن أبا بكر محمد بن القاسم بن الأنباري كان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدًا في القرآن (¬2). ولئن كان في هاتين الروايتين شيء من المبالغة والتهويل، فإن فيهما الدليل القاطع على ضخامة الشواهد اللغوية.
وقد يكون فاتنا بعض الشواهد في المعاجم الاثني عشر التي اعتمدناها، فمن يستخدم مئات الآلاف من البطاقات في الفهرسة، ويستند إلى فهارس قد تكون ناقصة لابد أن يشوب عمله بعض النقص، والكمال لله وحده، لكننا لم نأل جهدًا في البحث والتنقيب وإعادة الفهرسة والزيادة كلما وقعنا على مزيد.
ولم أكتف في التخريج بهذه المصادر اللغوية المهمة بل عدت إلى كل ما استطعت الوصول إليه من دواوين شعرية وقد زاد عددها على المئتين ديوان إلى ما يناهز المئتين وخمسين مصدرًا لغويًا وأدبيًا بحيث أصبح كتابي، فيما أظن، الأول في كثرة المصادر التي اعتمدها وفي أهميتها اللغوية في الوقت نفسه.
ومن المعروف أن شواهد العربية تعود إلى الشعراء الذين يحتج بلغتهم، أي إلى شعراء عصر الاحتجاج الذي يمتد من العصر الجاهلي حتى منتصف القرن الثاني الهجري بالنسبة إلى عرب الأمصار، وإلى أواخر القرن الرابع الهجري بالنسبة إلى عرب البوادي، لكن بعض اللغويين كالسيوطي، والأستراباذي، والزمخشري استشهدوا أحيانًا قليلة بشعراء جاؤوا بعد عصر الاحتجاج كالمتنبي، وأبي تمام، وأبي نواس وغيرهم.
وقد قسمنا معجمنا إلى ثلاثة أقسام، وجعلنا في القسم الأول الأشعار (غير الرجز)، وفي الثاني الرجز، وفي الثالث أنصاف الأبيات.
ورتبنا شواهد القسمين الأولين بحسب القوافي مرتبين قوافي كل روي بحسب الحركة، الساكن أولًا، فالمفتوح، فالمضموم، فالمكسور، ثم رتبنا الشواهد ضمن الحركة الواحدة بحسب الحرف الذي قبل الروي، فإذا تساوي شاهدان في هذا الحرف، رتبناهما بحسب الحرف الذي قبله، وهكذا. وقد اعتمدنا في هذا الترتيب
¬__________
(¬1) نزهة الألباء ص 97.
(¬2) بغية الوعاة 1/ 212.

الصفحة 12