كتاب بلغة السالك = حاشية الصاوي - العلمية (اسم الجزء: 1)

يتعلق بها تسعة مباحث :
الأول في واوها ، الثانى : في موضعها ، الثالث : في معناها ، الرابع : فى إعرابها ، الخامس : في العامل فيها ، السادس : فى أصلها ، السابع : في حكم الإتيان بها ، الثامن : فى أول من تكلم بها ، التاسع : فى الفاء بعدها .
فأما الواو فإما أن تكون لعطف ما بعدها على ما قبلها عطف قصة على قصة ، وإما أن تكون نائبة عن أما التى هى لمجرد التأكيد ، وقد تكون للتأكيد مع التفصيل فى غير ما هنا .
وأما موضعها فيؤخذ من قولهم هى كلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر ، أي من غرض إلى آخر ، فلا تقع بين كلامين متحدين ، ولا أول الكلام ولا آخره ، فإن وقعت بين كلامين متغايرين بينهما عدم مناسبة سمى اقتضاباً محضاً ، وإن كان بينهما مناسبة كلية سمى تخلصاً . وإن كان بينهما نوع مناسبة كما هنا ، سمى اقتضاباً مشوباً بتخلص ، فمثال الاقتضاب المحض قول الشاعر : (
لو رأى الله أن في الشيب خيراً **
جاوته الأبرار في الخلد شيباً ) (
كل يوم تبدى صروف الليالى ** خلقاً من أبى سعيد غريباً )
ومثال التخلص قول الشاعر أيضاً : (
أمطلع الشمس تبغى أن تؤم بنا ** فقلت كلا ولكن مطلع الجود )
وأما معناها فهو نقيض قبل ، وتكون ظرف زمان كثيراً ومكان قليلاً ، وهى هنا للزمان لا غير ، وقولهم إنها للمكان باعتبار الرقم بعيد كما حققه الشارح رضى الله عنه . وأما إعرابها فلها أربعة أحوال : تعرب فى ثلاثة وتبنى فى حالة كما هو مشهور .
وأما العامل فيها فهو على أن الواو عاطفه مقدر بأقول ونحوه ، وعلى أنها نائبة عن أماّ ، فإن قلنا : إنها من متعلقات الشرط فالعامل فيها فعل الشرط ، والتقدير مهما يكن من شيء بعدما تقدم ، أو العامل فيها الواو النائبة عن أما النائبة عن مهما ، وإن قلنا : إنها من متعلقات الجزاء كانت معمولة للجزاء ، والتقدير مهما يكن من شيء فأقول بعدما تقدم ، وجعلها من متعلقات الجزاء أولى لأنه يكون وجود المؤلف معلقاً على وجود شيء مطلق . وأما أصلها فهو أما ، وأصل أما مهما يكن من شيء ، كما تقدم ، وهذا الأصل على أن الواو نائبة ، وأما على أنها عاطفة فالأصل ، وأقول بعد الخ .
وأما حكم الإتيان بها فالاستحباب اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم لأنه كان يأتى بأصلها وهو أما بعد فى خطبه ومكاتباته .
وأما أول من تكلم بها فقد نظم الخلاف فيه بعضهم بقوله : (
جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً **
بها خمس أقوال وداود أقرب ) (
وكانت له فصل الخطاب وبعده **
فقس فسحبان فكعب فيعرب )
وأما الفاء بعدها فإن قلنا إن الواو عاطفة فالفاء زائدة على توهم وجود أما وإن قلنا إنها نائبة عن أما فالفاء رابطة للجواب . وفى هذا القذر كفاية .
وأما اسم الإشارة ففيه احتمالات
____________________

الصفحة 11