كتاب بلغة السالك = حاشية الصاوي - العلمية (اسم الجزء: 1)
. وبالجملة متى قيل : هذا قول عالم المدينة ، فهو المراد . وفى 16 ( ح ) أيضاً : ما أفتى مالك حي أجازه أربعون محنكاً . والتحنيك في العمامة شأن الأئمة . وعن مالك : جالست ابن هرمز ست عشرة سنة فى علم لم أبثه لأحد ، ومذهبه عمري ؛ سد الحيل واتقاء الشبهات . ولم يعتزل مالكي قط وعليه أهل الغرب الوارد بقاؤهم على الحق . وألف السيوطى كتاباً يسمى ( تزيين الممالك فى ترجمة الإمام مالك ) أثبت فيه أخذ الإمام أبى حنيفة عنه . قال : وألف الدارقطنى جزءاً فى الأحاديث التى رواها أبو حنيفة عنه . بل روى عن الإمام من هو أكبر سناّ من أبي حنيفة وأقدم وفاة ، كالزهرى وربيعة ، وهما من شيوخ مالك وأخذا عنه ، فأولى قرينة . ومن شيوخ مالك من غير التابعين : نافع بن أبى نعيم القارىء ؛ قرأ عليه مالك القرآن . وروى هو عن مالك ، وهو غير نافع التابعي مولى ابن عمر . وحملت بالإمام أمه ثلاث سنين . وكانت ولادته سنة ثلاث وتسعين من الهجرة على الأشهر بذى المروة ؛ موضع من مساجد تبوك على ثمانية بُرَد من المدينة . وكانت وفاته على الصحيح يوم الأحد لتمام اثنتين وعشرين يوماً من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة . وصلى عليه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وكان يومئذ والياً على المدينة . ودفن بالبقيع وقبره مشهور وعليه قبة ، وبجانبه قبر لنافع ؛ قيل : نافع القارىء أو هو مولى ابن عمر . ومناقبه وفضله أظهر من الشمس فى رابعة النهار رضى الله عنه وعنا به .
قوله : 16 ( قلب ) : أى عقل كامل .
وقوله : 16 ( أو ألقى السمع ) إلخ : أي صغى بسمعه وهو حاضر بقلبه لما يذكر من مناقب الإمام ، وفيه اقتباس من الآية الكريمة .
قوله : 16 ( أرجح الأقاويل ) : أى أقواها أن وجد راجح وأرجح ، وعلى الراجح إن وجد راجح ومرجوح . فأفعل التفضيل فى كلامه ليس على بابه دائماً كما يفيده حل الشارح . والراجح عندهم : ما قوي دليله والمشهور : ما كثر قائله . ولكن مراد المصنف بالأرجح والراجح : القوي والأقوى ؛ إما لقوة دليله أو لكثرة قائله ، لأنه ليس ملتزماً لاصطلاحات المختصر .
مسألة : للمفتي إذا استفتي فى مسألة فيها قولان أن يحمل المستفتى على أيهما . وقيل : بل يخبره بالقائلين ، فيقلد أيهما أحب كما لو كانوا أحياء . وهذا إذا لم يكن فيه أهلية للترجيح ، وإلا فليرجح أحد الأقوال انظر الأجهوري .
مسألة أخرى فى الحطاب : أن من أتلف بفتواه مجتهداً لا يضمن ، ومقلداً يضمن إن انتصب أو تولى فعل ما أفتى به ، وإلا فغرورٌ قوليُّ لاضمان فيه ويزجر . وإن لم يتقدم له اشتغال بالعلم ، أدب وتجوز الأجرة على الفتيا إن لم تتعين . وذكر عن ابن عمر تقديم الشاذّ فى المذهب على مذهب الغير ، والأشياخ على عكسه .
____________________
الصفحة 14
480