كتاب بلغة السالك = حاشية الصاوي - العلمية (اسم الجزء: 1)
( مقدمة الشارح )
قوله : 16 ( بسم الله الرحمن الرحيم ) : افتتح كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز والآثار النبوية والإجماع ، لافتتاح الكتاب بها وقوله عليه الصلاة والسلام : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم كما في رواية فهو أبتر أو أقطع أو جذم ) أي ناقص وقليل البركة .
والباء : للاستعانة أو المصاحبة التبركية متعلقة بمحذوف تقديره أؤلف ونحوه ، وهو يعم جميع أجزاء التأليف فيكون أولى من أفتتح ونحوه ، لإبهام قصر التبرك على الافتتاح فقط . والله : علم على الذات الواجب الوجود فيعم الصفات .
والرحمن : المنعم بجلائل النعم كمية أو كيفية . والرحيم : المنعم بدقائقها كذلك ، وقدم الأولى وهو الله لدلالته على الذات ، ثم الثاني لاختصاصه به ولأنه أبلغ من الثالث ، فقدم عليه ليكون له كالتتمة والرديف .
إذا علمت ذلك فينبغي تتميم الكلام عليها من الفن المشروع فيه فنقول :
إن موضوع هذا الفن أفعال المكلفين لأنه يبحث فيه عنهامن جهة ما يعرض لها من وجوب وندب وحرمة وكراهة وإباحة ، ولا شك أن هذه الجملة فعل من الأفعال ، وحينئذ فيقال إن حكم البسملة الأصلي الندب لأنها ذكر من الأذكار ؛ والأصل في الأذكار أن تكون مندوبة ، ويتأكد الندب في الإتيان بها في أوائل ذوات البال ولو شعراً ، كما انحط عليه كلام 16 ( ح ) ، وقولهم : الشعر لا يبتدأ بالبسملة ، محله إذا اشتمل على مدح من لا يجوز مدحه أو ذمّ من لا يجوز ذمه وقدتعرض لها الكراهة وذلك في صلاة الفريضة على المشهور من المذهب وعند الأمور المكروهة كاستعمال ذي الروائح الكريهة ، وتحرم إذا أتى بها الجنب على أنها من القرآن لا بقصد التحصن ، وكذا تحرم عند الإتيان بالحرام على الأظهر ، وقيل : بكراهتها في تلك الحالة ، وارتضاه في الحاشية ، وتحرم في ابتداء براءة عند ابن حجر ، وقال الرملى : بالكراهة ، وأما في أثنائها فتكره عند الأول وتندب عند الثاني .
قال 16 ( ح ) : ولم أر لأهل مذهبنا شيئاً في ذلك وليس لها حالة وجوب إلا بالنذر ، فلا يقال : إن البسملة واجبة عند الذكاة مع الذكر والقدرة ؛ لأننا نقول الواجب مطلق ذكر الله لا خصوص البسملة كما عليه المحققون .
بقى شيء آخر وهو أنه هل تجب بالنذر ولو في صلاة الفريضة بمنزلة من نذر صوم رابع النحر ، أو لا تجب ؟ واستظهر اللزوم خصوصاً ، وبعض العلماء من أهل المذهب يقول بوجوبها في الفريضة ، وهذا إذا كان غير ملاحظ بالنذر الخروج من الخلاف ، وإلا كانت واجبة قولا واحداً ، والظاهر أنها لا تكون مباحة لأن أقل مراتبها أنها ذكر ، وأقل أحكامه أنه مندوب ، وقول الشيخ خليل : وجازت كمتعوذ بنقل يوهم ذلك وكذا قول الشاطبي : (
ولا بد منها في ابتدائك سورة ** سواها وفي الأجزاء خير من تلا )
____________________
الصفحة 4
480