كتاب بلغة السالك = حاشية الصاوي - العلمية (اسم الجزء: 1)
أو في رمضان وهو الذي شهره ابن غلاب ، وعلى كلٍّ فالغالب كونها في العشر الأواخر من رمضان ، والعمل فيها خير من ألف شهر ، سواء علم القائم لها بأنها ليلة القدر أو لا . ولها علامات ذكرها العلماء منها : طلوع الشمس صبيحة يومها بيضاء لاشعاع لها ، وليلتها تكون السماء صحواً لا غيم فيها ، والوقت لا حار ولا برد ، قال شيخنا المؤلف ومن أطلعة الله عليها يرى كل شيء ساجداً لله ، يسمع منه الذكر بلسان المقال ، ويشاهد أموراً لا تحيط بها العبارة ، ويندب لمن رآها أن يكتمها فلا يحدث بها ، لأن الاطلاع عليها من السر المكتوم ، ومن باح بالسر ضيعه ؛ ولمحي الدين بن العربي قاعدة لإدراكها حصولها : أنه إن كان مبدأ الشهر الجمعة كانت ليلة تسع وعشرين ، وإن كان السبت كانت ليلة إحدى وعشرين ، وإن كان الأحد كانت ليلة سبع وعشرين ، وإن كان الاثنين كانت ليلة تاسع عشرة ، وإن كان الثلاثاء كانت ليلة خمس وعشرين ، وإن كان الأربعاء كانت ليلة سابع عشرة ، وإن الخميس كانت ليلة عشرية فاحفظ تلك القاعدة . وسميت بذلك إما لتقدير البركات والخيرات فيها لأن جميع مكوّنات العالم تقدر فيها ، أي تظهر للملائكة ، أو لعظم قدرها . وقيل غير ذلك .
تنبيه : المراد من قوله : ( التمسوها في التاسعة أو السابعة أو الخامسة من العشر الأواخر من رمضان ) ، ما بقي من العشر لا ما مضى ، فالتاسعة ليلة إحدى وعشرين ، والسابعة ليلة ثلاث وعشرين ، والخامسة ليلة خمس وعشرين ، إن كان الشهر ناقصاً وإلا فالتاسعة ليلة اثنين وعشرين ، والسابعة ليلة أربع وعشرين ، والخامسة ليلة ست وعشرين فتأمل ، وقيل العدد من أول العشر فالتاسعة ليلة تسع وعشرين ، والسابعة ليلة سبع وعشرين ، والخامسة ليلة خمس وعشرين ، وعلى كل حال فيحتاط في العشر كما قالوا لاحتمال كمال الشهر ونقصانه .
قوله : ( التي هي خير من ألف شهر ) : أي كما نطفت به الآية الكريمة .
وسببها أنه ذكر لرسول الله رجل من بنى إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله تعالى ألف شهر ، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ، فتعجب لذلك رسول الله عجباً شديداً ، وتمنى أن يكون ذلك في أمته ، فقال يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعماراً وأقلها أعمالاً ، فأعطاه الله ليلة القدر فقال : { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله تعالى ، لك ولأمتك من بعدك إلى يوم القيامة في كل رمضان .
قوله : ( وندب اشتغاله ) : أي فالأفضل في عبادته أنه لا يخرج عن هذه الأنواع ، لأن اشتغاله بغيرها مكروه وأن كان علماً ، كما يأتي ، لأن
____________________