كتاب بلغة السالك = حاشية الصاوي - العلمية (اسم الجزء: 1)
ووجه ذلك : أن الحقيقة موضوعة وضعاً أولياً ، أي كلمة استعملت في غير ما وضعت له من أول الأمر ، والمجاز موضوع وضعاً ثانوياً لأنه كلمة استعملت فيما وضعت له ، لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي : كأسد فإنه في الأصل موضوع للحيوان المفترس ، ثم تستعمله في الرجل الشجاع ، فتقول : رأيت أسداً في الحمام مثلا ، فكل من المجاز والحقيقة موضوع وضعاً لغوياً ، لكن الحقيقة وضعها أصلي لا يحتاج لقرينة ولا لعلاقة ، والمجاز وضعه عرضى يحتاج لعلاقة وقرينة .
قوله : 16 ( المراد به المملوك لله تعالى ) : إنما اقتصر على ذلك المعنى لشموله وعمومه قال تعالى : [ أي ] ( إنْ كلٌّ مَن في السمواتِ والأرضِ إلاَّ اتي الرحمنِ عبداً ) [ / أي ] ، أي مملوكاً وهو المسمى بعبد الإيجاد . 16 ( المحتاج إليه تعالى إلخ ) : هذا التفسير يصلح لكون الفقير صفة مشبهة أو صيغة مبالغة ، ولا يخلو عبد منهما دنيا ولا أخرى ، ولو وكلنا مولانا طرفة عين لأنفسنا لهلكنا .
قوله : 16 ( المنكسر الحزين ) : يشير بذلك إلى أن في كلام المصنف استعارة تبعية ، حيث شبه حزن القلب بالانكسار الذي هو تفرق أجزاء الشيء الصلب بجامع التلف والتشتت في كل ، واستعار اسم المشبه به للمشبه ، واشتق منه منكسر بمعنى حزين ، والقرينة إضافته للفؤاد .
قوله : 16 ( مجاز ) : أي عقلي من إسناد ما للكل للبعض الذي هو الفؤاد ، وإنما خص الفؤاد دون سائر الأعضاء لأنه محله ، ولذلك قال علماء البيان : إذاأسند ما للكل للجزء لا بد أن يكون لذلك الجزء مزية تميزه إذا علمت ما تقدم من الاستعارة ، وما هنا من المجاز العقلي ، ففي كلامه مجاز على مجاز .
قوله : 16 ( علة لانكسار فؤاده ) : أي حزنه إنما جاء من رؤية التقصير في حقوق الله ، وهذا سنة العارفين بربهم لا يرون لأنفسهم عملا ، كما قال السيد البكري : إلهي إني أخاف أن تعذبني بأفضل أعمالي .
قوله 16 ( كقول الشيخ إلخ ) : المراد به الشيخ خليل .
قوله : 16 ( بيان ) أي عطف بيان ، ويصح أن يكون بدلا لأن نعت المعرفة إذا تقدم عليها يعرب بحسب العوامل ، وتعرب منه بدلا أو عطف بيان ، بخلاف نعت النكرة إذا تقدم عليها فيعرب حالا ، وتعرب هي على ما كانت عليه كقول الشاعر : (
* لمية موحشا طلل * )
____________________
الصفحة 6
480