كتاب أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (اسم الجزء: 1)

ويجوز صيامه للتطوع والنذر إذا صادف، وإليه أشار رحمه الله تعالى بقوله: " بخلافه تطوعا أو يصادف وردا أو نذرا أو قضاء " فيجوز ذلك إن لم يصادف رمضان الحاضر، وإلا لم يجزه. وقوله أو قضاء، قال الحطاب: كمن عليه صوم من رمضان فقضاه فيه أي في يوم الشك فإنه يجوز، ثم لم يثبت كونه من رمضان فقد أجزأه، وإن ثبت أنه من رمضان لم يجزه عن القضاء ولا عن رمضان الحاضر، وعليه قضاء يوم رمضان الحاضر وقضاء ما في ذمته اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ورؤيته نهارا للمستقبل ولو قبل الزوال " يعني أن الهلال إذا رآه الناس في النهار، فإنه يكون لليلة المقبلة لا لليلة الماضية، ولا فرق في رؤيته قبل الزوال أو بعده فيستمر على الفطر إن وقع ذلك في آخر شعبان، وعلى الصوم إن وقع في آخر رمضان. قاله الخرشي، ومثله في الحطاب. وقل المواق عن ابن يونس: إذا رأى الهلال آخر يوم من شعبان أو من رمضان فهو لغده رئي بعد الزوال أو قبله. قال ابن بشير: هذا هو المشهور كما هو نص المدونة عن مالك.
قال رحمه الله تعالى: " وثبوته يوجب إمساك بقيته، وعيد يوجب الفطر " يعني أن ثبوت هلال رمضان يوجب الكف عن المفطرات في بقية اليوم، وأن ثبوت هلال شوال يوجب الفطر والعيد، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " الحديث. وفي القوانين: إذا ارتقب هلال رمضان فلم يظهر، ثم ثبت من الغد أنه قد رئي وجب إمساك ذلك اليوم وقضاؤه، وإذا ثبت هلال شوال نهارا وجب الفطر اهـ. قال خليل: وإن ثبت نهارا أمسك، وإلا كفر إن انتهك. قال الخرشي: يعني أن رمضان إذا ثبت في أثناء النهار بوجه من الوجوه السابقة أنه رئي في الليلة الماضية فإنه يجب الإمساك وهو المنع والكف عن الأكل في حق من أكل في ذلك اليوم، وفي من لم يأكل فيه، ثم يجب عليهم القضاء لعدم الجزم بالنية. فإن لم يمسك وأفطر متعمدا بأكل

الصفحة 417