كتاب أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (اسم الجزء: 1)

عن يساره ليكون قلبه إلى جهة البيت ووجهه إلى وجه
البيت؛ إذ باب البيت هو وجهه، فلو جعل الطائف البيت عن يمينه لأعرض عن باب البيت الذي هو وجهه ولا يليق بالأدب الإعراض عن وجوه الأمثال اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " الثلاثة الأول خببا، كلما مر بالحجر قبله وبالركن اليماني لمسه بيده " يعني أنه يطوف بالبيت سبعة أشواط ثلاثة خببا وأربعة مشيا كما في الحديث، ويسن استلام الحجر الأسود في أول شوط، ويندب في كل شوط، وكذلك اليماني لكنه باليد فقط. وعبر رحمه الله بالخبب وعبر غيره بالرمل وهما لفظان متقاربان في المعنى وكلاهما واردان. وفي الحديث الصحيح " كان عليه السلام إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثة ومشى أربعة، وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة " اهـ أخرجه الشيخان عن ابن عمر. وفي الموطأ عن نافع " أن عبد الله بن عمر يرمل من الحجر الأسود ثلاثة أطواف، ويمشي أربعة أطواف " اهـ وفيه عن جابر بن عبد الله أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف " قال مالك " وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا اهـ. وفي الرسالة: سبعة أطواف ثلاثة خببا وأربعة مشيا. وقال خليل عاطفا على المندوبات: ورمل رجل في الثلاثة الأول ولو مريضا وصبيا حملا اهـ. وما ذكرناه من الخبب والرمل من أنهما لفظان متقاربان في المعنى هو كذلك؛ لأن الخبب فوق الرمل ودون الجري. والرمل فوق المشي مع هز المنكبين. قال العلامة الدردير على أقرب المسالك: والرمل الإسراع في المشي دون الخبب اهـ. وأما قوله: كلما مر بالحجر قبله إلخ قد روينا عن جابر بن عبد الله في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: " حتى إذا أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثة ومشى أربعة، ثم أتى مقام إبراهيم فصلى ورجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا ". وفي الحديث: " إن مسح الركن اليماني والركن الأسود يحط الخطايا حطا " اهـ. أخرجه النسائي.

الصفحة 462