كتاب أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (اسم الجزء: 1)

كما أنه ركن من أركان العمرة. وتقدم أن أركان الحج أربعة. الإحرام، والوقوف، والطواف، والسعي، فراجعه في أول الفصل إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: " فإن لم يأت بطواف القدوم، أو أخره عنه سعى مع
طواف الإفاضة " يعني أن المحرم بالحج إن لم يطف طواف القدوم، بأن كان مرهقا وأخر السعي إلى بعد النزول من عرفة، فإنه يسعى بعد طواف الإفاضة هذا إن كان تأخيره السعي لعذر كما وصفنا، وإلا فعليه الهدي لوجوب تقديم السعي على الوقوف. وأما لو أحرم بحج من مكة كالتمتع، أو كان من أهلها فإنه يجب عليه إعادته بعد الإفاضة ما دام بمكة، فإن لم يعاوده حتى سافر إلى بلده وجب عليه أن يرسل بهدي لإيقاعه السعي بعد طواف التطوع؛ لأن طوافه قبل الوقوف تطوعا، ولا يلزم عليه الرجوع، بخلاف من لم يسع أصلا فإنه يرجع له وجوبا ولو وصل إلى أقصى المشرق أو المغرب؛ لأن السعي ركن على المشهور، خلافا لأبي حنيفة القائل إنه واجب ينجبر بالدم. وروى ابن قصار عن الإمام أن السعي واجب يجبر بدم وليس بركن، فحينئذ إن رجع إلى بلده يرسل بهدي فقط، لكن المشهور الذي عليه الجمهور الأول، فتنبه.
قال رحمه الله تعالى: " وشرطه أن يكون عقيب طواف " يعني أن شرط صحة السعي أن يكون بعد تقديم طواف صحيح مطلقا. قال في توضيح المناسك: وشرط صحته في الحج والعمرة أن يتقدمه طواف تام صحيح سواء كان فرضا أو واجبا أو تطوعا، فلو سعى من غير طواف لم يجزه، فإن كان محرما بعمرة وجب أن يكون إثر طواف العمرة وإن كان محرما بحج أو بقران من الحل وجب عليه تقديم من ترك طواف القدوم. وتركهما معا كترك أحدهما أحدهما من حيث لزوم الدم، فإن أحرم بالحج من مكة، أو أردف الحج بالحرم فلا

الصفحة 466