كتاب أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (اسم الجزء: 1)
قال رحمه الله تعالى: " فإذا زالت الشمس قطع التلبية وجمع بين الصلاتين ثم وقف، وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، فإذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب دفع إلى المزدلفة " والمعنى كما ذكرنا في الرسالة المختصرة في صفة الحج، فإذا زالت الشمس من يوم التاسع وأنت بعرفة فاغتسل بإمرار اليد من غير إزالة الوسخ وصل الظهر والعصر مجموعتين جمع تقديم، ولا تصل النفل بينهما، ثم تذهب إلى موقف عرفة، وعرفة كلها موقف ما عدا بطن عرنة، ويستحب لك أن تقف موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت جبل الرحمة، وأن تستقبل القبلة وأنت متوضئ مشتغلا بالدعاء والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتضرع وسؤال العافية في الدنيا والآخرة وطلب المغفرة لنفسك ولوالديك ولمن أوصالك بالدعاء ولجميع المسلمين والمسلمات، ولا تزال مشتغلا مجتهدا بذلك إلى غروب الشمس، وبعد الغروب تقف قليلا وتنوي الوقوف الركن ولو بقدر سبحان الله، لأن الوقوف نهارا واجب ينجبر بدم، والوقوف الركن لا يكون إلا عند تحقق الغروب عند المالكية، ولذا أشار رحمه الله بقوله: " ومن خرج من عرفة قبل تواريها بطل حجه إلا أن يعود جزءا من الليل، ومن تركه نهارا متمكنا فعليه دم " قال مالك: إن عبد الله بن عمر كان يقول: من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج اهـ. قال في الموطأ: وتقرر لنا في دماء الحج أن نية الخروج من عرفة قبل الغروب من موجبات الهدي، فمن نوى الخروج من عرفة قبل الغروب ولم يخرج إلا بعد
الغروب وجب عليه الهدي فإن خرج فعلا والحال أنه لم تغرب الشمس فقد فاته الحج إن لم يرجع قبل طلوع الفجر، وندب له التحلل بفعل عمرة، ووجب عليه القضاء والهدي في العام القابل اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " فإذا أتى المزدلفة جمع بين العشاءين فإن لم ينزلها
الصفحة 468
527