كتاب أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (اسم الجزء: 1)
من إحرامه ففعل سائر الممنوعات التي توجب الفدية فلا يلزمه إلا فدية واحدة , وأما إن يظن الإباحة جهلا محضا فإن الفدية تتعدد , وكذا يلزمه فدية واحدة إن أعتقد أن الإحرام يرتفض ويباح له فعل الممنوعات فرفضه , وفعل جميع ما يوجب الفدية , ومنه من أفسد إحرامه بالوطء , ثم فعل موجبات الفدية متأولا أن الإحرام تسقط حرمته بالفساد وكذا تتحد الفدية إذا كانت نيته أن يفعل جميع ما يحتاج اليه من موجبات الفدية ولم يخرج للأول قبل فعل الثاني وألا تعددت , وكذا تتحد الفدية إذا نوى التكرار وهو أن يلبس لعذر مثلا ثم يزول فيخلع ما لبسه وينوي عند خلعه أنه إن عاد إليه العذر عاد إلى اللبس أو يتداوى بدواء فيه طيب ينوى أنه كلما احتاج إلى الدواء فعله , ومحل النية من حين لبسه لأجل العذر إلى حين نزعه. وأما من لبس ثوبا ثم نزعه ليلبس غيره , أو نزع ثوبه عند النوم ليلبسه إذا استيقظ فقال سند هذا فعل واحد متصل في العرف ولا تضره تفرقته في الحس اهـ. ثم انتقل يتكلم في تحريم الصيد فقال رحمه الله تعالى
فَصْلٌ
في الصيد وما يترتب فيه من الجزاء وعدمه
أي في بيان أحكام صيد المحرم، ومن في الحرم ولو لم يكن محرما، وما يتعلق بذلك من تحريم أكل ذبحه، ووجوب جزائه إن قتله. قال الله تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] الآية دالة على منع الصيد مطلقا للمحرم ومن بالحرم، ثم خصصت الآية الثانية تحريم صيد البر دون البحر كما يأتي عن قريب.
ولذا قال رحمه الله تعالى: " يحرم على المحرم اصطياد جميع البري طائرا كان أو غيره " والبري بفتح الباء نسبة للبر ضد البحر، ويحل صيد البحر. قال تبارك وتعالى في سورة المائدة: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ
الصفحة 487
527