كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 1)

بالنَّصب على معنى جاءته عن الله - تعالى - كلمات، و» من ربه «متعلّق ب» تلقى «، و» من «لابتداء الغاية مجازاً.
وأجاز أبو البَقَاءَ أن يكون في الأصل صفة ل» كلمات «فلما قدم انتصب حالاً، فتصبح نسبة الفعل إلى كلّ واحد.
وقيل: لما كانت الكلمات سبباً في توبته جعلت فاعلة، ولم يؤنث أنَ مَنْ تلقَّاك فقد تلقيته، فتصبح نسبة الفعل إلى كلّ واحد.
وقيل: لما كانت الكلمات سبباً في توبته جعلت فاعلة، ولم يؤنث الفعل على هذه القراءة وإن كان الفاعل مؤنثاً؛ لأنه غير حقيقي، وللفصل أيضاً، وهذا سبيل كل فعلٍ فصل بينه وبين فاعله المؤنثّ بشيء، أو كان الفاعل مؤنثاً مجازياً.
فصل في الكلمات التي دعا بها آدم ربه
اختلفوا في تلك الكلمات ما هي؟
فروى» سعيد بن جبير «رضي الله أن آدم - عليه الصَّلاة والسَّلام - قال: يا ربّ ألم تخلقني بِيَدِكَ بلا وَاسِطَةٍ؟ قال: بلى، قال: يا رب أَلَمْ تنفخ فِيَّ من رُوحِكَ؟ قال: بلى. قال: ألم تُسْكِني جنتك؟ قال: بلى. قال: يا ربّ ألم تسبق رحمتك غَضَبَكَ؟ قال: بلى. قال يا رب إن تُبْتُ وأصلحت تردّني إلى الجنة؟ قال: بلى. فهو قوله: {فتلقى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} .
وزاد السّدى فيه: يا ربّ هل كنت كتبت علي ذنباً؟ قال: نعم.
وقال النَّخعي: أتيت ابن عباس فقلت: ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه؟ قال: علّم الله آدم أمر الحجّ فحجا، وهي الكلمات التي تقال في الحجّ، فلما فرغا الحجّ أوحى الله - تعالى - إليهما قبلت توبتكما.
وروي عن ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، والضحاك، ومجاهد، وقتادة في قوله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين} [الأعراف: 23] ،

الصفحة 575