كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 1)

الرِّوَايَتَيْنِ عَن ابْن سِيرِين.
وَقَالُوا: إِذا [قَرَأَ] الْفَاتِحَة وأمّن، يستعيذ بِاللَّه.
دَلِيل الْجُمْهُور: مَا روى جُبَير بن مطعم - رَضِي الله عَنهُ -: أَن النَّبِي _ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم وبجل وَعظم وفخم - حِين افْتتح الصَّلَاة قَالَ: " الله أكبر كَبِيرا، ثَلَاث مَرَّات، وَالْحَمْد لله كثيرا، ثَلَاث مَرَّات، وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا، ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ قَالَ: أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم من همزه ونفخه ونفثه ".
وَاحْتج الْمُخَالف بقوله تَعَالَى: {فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم} [النَّحْل: 98] دلّت هَذِه الْآيَة على أَن قِرَاءَة الْقُرْآن شَرط، وَذكر الِاسْتِعَاذَة جَزَاء، وَالْجَزَاء مُتَأَخّر عَن الشَّرْط؛ فَوَجَبَ أَن تكون الِاسْتِعَاذَة مُتَأَخِّرَة عَن الْقِرَاءَة.
ثمَّ قَالُوا: وَهَذَا مُوَافق لما فِي الْعقل؛ لِأَن من قَرَأَ الْقُرْآن، فقد اسْتوْجبَ الثَّوَاب الْعَظِيم، فَرُبمَا يداخله الْعجب؛ فَيسْقط ذَلِك الثَّوَاب، لقَوْله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام -: " ثَلَاث مهلكات " وَذكر مِنْهَا إعجاب الْمَرْء بِنَفسِهِ؛ فَلهَذَا السَّبَب أمره الله - تَعَالَى -[بِأَن

الصفحة 82