كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

فيقول: من يشتري شيئًا يضره ولا ينفعه، وبهيمة لا تسره؟ فيقول أصحابها وعشاقها: نحن، فيقول: إنها معيبة فيقولون: لا بأس فيقول ثمنها ليس بالدراهم ولا بالدنانير، ولكن بنصيبكم من الجنة، فإني أشتريتها بأربعة أشياء بلعنة الله وغضبة وسخطه وعذابه، وبعت الجنة بها، فيقولون رضينا ذلك، فيقول: أريد أن أريح بأن توطنوا قلوبكم على أن لا تدعوها أبداً، فيقولون: نعم، فيبيعهم إياها على ذلك، ثم يقول: بئست التجارة» .
وينبغي لكل أحد أن يرضى بما أعطاه الله من الرزق في الدنيا وقسمه له، ويشكر على ذلك ويراه كثيراً عليه، فإن فعل ذلك استراح وعظمت نعم الله في عينه، وإذا زاد من شكره وأجره، جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «قال الله سبحانه تعالى: يا بني آدم وعزتي وجلالي لئن رضيت بما قسمت لك أرحتك، وأنت محمود، وإن لم ترض بما قسمت لك سلطت عليك الدنيا تركض فيها كركض الوحوش ثم لا يكون لك إلا ما قسمت لك وأنت مذموم» نقله الدميري في الوحش (¬1) .
ويكفي في ذمها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعنها حيث قال: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما أولاه عالم أو متعلم» قال الترمذي هذا حديث حسن غريب (¬2) .
ولا يعارض هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر» (¬3)
لأن هذا محمول على ما كان من الدنيا يقرب من
¬_________
(¬1) لم نقف عليه.
(¬2) رواه الترمذي في سننه (4/561، رقم 2322) ، وابن ماجه في سننه (2/1377، رقم 4112) عن أبي هريرة.
(¬3) رواه الشاشي في مسنده (1/387، رقم 383) ، والديلمي في مسند الفردوس (5/10، رقم 7288) عن ابن مسعود.
والحديث ضعيف جداً فيه: إسماعيل بن أبان الغنوي الكوفي الخياط، ترجم له الذهبي في الميزان (1/368، ترجمة: 825) وقال: كذبه يحيى بن معين، وقال أحمد بن حنبل: كتبنا عنه عن هشام بن عروة، ثم روى أحاديث موضوعة عن فطر وغيره فتركناه، وقال البخاري: ترك أحمد والناس حديثه، قلت: ومن مناكيره ... فساق هذا الحديث، ثم قال: وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات وهو، صاحب حديث السابع من ولد العباس يلبس الخضرة، وروى أحمد بن زهير عن ابن معين قال: وضع أحاديث على سفيان لم تكن.

الصفحة 135