كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

قال لأبيه يوماً يا أبت أراك تكثر الثناء والمدح للإمام الشافعي وتكثر الدعاء، أي رجل كان الشافعي؟ فقال: يا بني إن الشافعي كالشمس للنهار، كالعافية للناس، فانظر هل لهذين خلف أو عنهما عوض.
عن تلميذه الربيع (¬1) قال رأيت الشافعي في المنام بعد وفاته فقلت: يا أبا عبد الله ما صنع بك قال: أجلسني على كرسي من ذهب وتبر على لؤلؤ الرطب رحمه الله.
وثالث الأئمة أرباب المذاهب: الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - وأرضاه، وكان إمام أهل زمانه علماً وعملاً وورعاً.
قال الإمام الشافعي: خرجت من بغداد وما خلفت بها أفقه ولا أزهد ولا أروع ولا أعلم من أحمد بن حنبل، وكان يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، ودعا إلى الخلق، القول بخلق القرآن وإمكان الرؤية فامتنع، ضرب وسجن وهو مصر على الامتناع، وزلزلت الأرض يوم ضرب.
قال الهلال بن العلاء: مُنَّ على هذه الأمة بالشافعي تفقه في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبأحمد بن حنبل ثبت في المحنة، ولولا ذلك لكفر الناس.
ومن مناقبة العظيمة الجليلة ما حكاه ابن جماعة في كتاب أنس المحاضرة عن سلمه بن شيب قال كنا عند أحمد ابن حنبل فجاءه رجل فدق الباب أولاً وثانياً فقال أحمد: ادخل قال فدخل فسلم، وقال: أيكم فأشار بعضنا إليه قال: جئت من البحر من مسيرة أربعمائه فرسخ أتاني آت في منامي فقال: آت أحمد بن حنبل وسل عنه، فإنك تدل عليه، وقل له: إن الله عنك راض وملائكة سماواته عنك راضون، وملائكة الأرض عنك راضون، قال: ثم خرج فما سأله عن حديث ولا مسأله.
وسيأتي في مناقب سفيان الثوري شيء من مناقبة، وكانت وفاته سنة إحدي وأربعين ومائتين عن سبع وسبعين سنة.
قرأ على الإمام الشافعي كان إذا ركب الشافعي يمشي معه في ركابه أدباً، وكان كل منهما يزور الآخر فأنشد الشافعي في هذا المعنى:
قالوا يزورك أحمد وتزوره ... قلت لفضائل ما تعدت منزله
إن زارني أو زرته فبفضله ... فلفضله فالفضل في الحالين له
ورابعهم: أبو حنيفة النعمان بن ثابت - رضي الله عنه - وكان من التابعين فإنه رأى أنس هكذا قيل، لكن قال ابن حجر في التهذيب: لم يثبت أنه رأى أحداً من الصحابة، وهو فقيه العراق، وإمام أهل الرأي قال فيه مالك: رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن
¬_________
(¬1) هو: أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي بالولاء، المصري، صاحب الإمام الشافعي وراوي كتبه، وأول من أملى الحديث بجامع ابن طولون، ولد سنة: 174هـ‍ في مصر، كان مؤذناً، وفيه سلامة وغفلة ووفاته كانت أيضاً بمصر سنة: 270هـ‍.

الصفحة 155