كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

ركب فيه الشهوة دون العقل وهي البهائم والأنعام، وصنف ركب فيهم العقل والشهوة وهم بنو آدم وذريته، وصنف ركب فيهم العقل دون الشهوة وهم الملائكة، وصنف لا عقل فيهم ولا شهوة وهم الجمادات.
خاتمة: قد اشتهر على ألسنة الناس أن جبريل لا ينزل إلى الأرض بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال العلامة شيخنا الشيخ جلال الدين السيوطي -رحمه الله تعالى-: وهذا شيء لا أصل له، ومن الدليل على بطلانه ما أخرجه الطبراني الكبير عن ميمونة بنت سعد قالت: يا رسول الله هل يرقد الجنب؟ قال لها: «أحب أن يرقد حتى يتوضأ، فإني أخاف أن يتوفى فلا يحضره جبريل» (¬1)
فهذا الحديث يدل على أن جبريل ينزل إلى الأرض، ويحضر موت كل مؤمن حضره الموت وهو على الطهارة.
ثم قال وقفت على حديث نزول جبريل إلى الأرض وهو ما أخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن والطبراني من حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في وصف الدجال قال: «فيمر بمكة فإذا هو بخلق عظيم فيقولوا: من أنت؟ فيقول: أنا ميكائيل بعثني الله لأمنعه من حرمه، ويمر بالمدينة فإذا هو بخلق عظيم فيقول: من أنت فيقول: أنا جبريل بعثني الله لأمنعه من حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (¬2) .
قال: ثم رأيت في قوله تعالى ?تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ... ? [القدر: 4] الآية عن الضحاك أن الروح هنا جبريل، وأنه ينزل هو الملائكة في ليلة القدر، ويسلمون على المسلمين، وذلك في كل سنة.
فعلم من هذه الأخبار أن جبريل نزل إلى الأرض بعد موت نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وما اشتهر بين
¬_________
(¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (25/36، رقم 65) عن ميمونة بنت سعد ولفظه: قلت: ثم يا رسول الله هل يأكل أحدنا وهو جنب؟ قال: «لا يأكل حتى يتوضأ» قالت: قلت: يا رسول الله هل يرقد الجنب؟ قال: «ما أحب أن يرقد وهو جنب حتى يتوضأ، ويحسن الدفع، وإني أخشى أن يتوفى فلا يحضره جبريل - عليه السلام -» .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/275) : رواه الطبراني في الكبير، وفيه: عثمان بن عبد الرحمن عن عبد الحميد بن يزيد، وعثمان بن عبد الرحمن هو الحراني الطرائقي، وثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال أبو عروبة الحراني وابن عدي: لا بأس به يروي عن مجهولين، وقال البخاري وأبو أحمد الحاكم: يروي عن قوم ضعاف، وقال أبو حاتم: يشبه بقية في روايته عن الضعفاء.
(¬2) أخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن (2/543، رقم 1527) في حديث طويل راجعه بتمامه فيه عن عبد الله بن مسعود، وظاهر صنيع المصنف أنه أتى بموطن الشاهد فقط.

الصفحة 183