كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

فإنها لا يظهر لها وجه، وللرؤيا الصادقة شروط متى اختل شرط منها كانت أضغاث أحلام لا يصح تأويلها.
منها: أن لا يكون الرائي خائفاً من شيء أو راجياً، وفي معنى الخوف والرجاء الحزن على شيء والسرور بشيء، فإذا نام من اتصف بذلك كذلك رأى في نومه ذلك الشيء بعينه.
ومنها: أن لا يكون خالياً من شيء هو محتاج إليه كالجائع والعطشان يرى في نومه كأنه يأكل ويشرب.
ومنها: أن لا يكون ممتلئاً من شيء فيرى كأنه يجتنبه، كالممتلئ من الطعام يرى أنه يقذفه.
ومنها: أن لا يرى ما لا يكون كالمحالات وغيرها مما يعلم أنه لا يوجد، بأن يرى الله سبحانه وتعالى على صفة مستحيلة عليه، أو يرى نبياً يعمل عمل الفراعنة.
ومنها: أن لا يكون ما رآه في النوم قد يراه في اليقظة، وإدراك حسه بعهد قريب قبل نومه، وصورته باقية في خياله فيراها بعينها في نومه.
ومنها: أن لا يكون قد حدثته نفسه به في اليقظة وتفكر فيه قبل النوم بمدة قريبة.
ومنها: أن لا يكون موافقاً ومناسباً لما هو عليه من تغيير المزاج، بأن تغلب عليه الحرارة من الصفراء فيراها في نومه نيراناً شمساً محرقة، أو تغلب عليه البرودة فيرى الثلوج، أو تغلب عليه الرطوبة فيرى الأمطار والمياه، أو تغلب عليه اليبوسة والسوداء فيرى الأشياء المظلمة والأهوال، فمتي اختل شرط مما ذكرنا كانت الرؤيا فاسدة لا تعبير لما ورد، وإذا وجدت هذه الشروط في رؤيا الإنسان غلب على الظن سلامة رؤياه من الفساد، وصح تعبيرها خصوصاً إذا انضم إلى ذلك كون الرائي من أهل الصدق والصلاح، فإن الظن يقوي بأنها صادقة صالحة، ففي الحديث «أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً» (¬1) .
¬_________
(¬1) أخرجه الترمذي في سننه (4/532، رقم 2270) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأبو داود في سننه (4/304، رقم 5019) ، وابن ماجه في سننه (2/1289، رقم 3917) ، وأحمد في مسنده (2/507، رقم 10598) ، والحاكم في المستدرك (4/432، رقم 8174) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وابن حبان في صحيحه (13/404، رقم 6040) ، والدارمي في سننه (2/168، رقم 2144) ، والطبراني في المعجم الأوسط (1/291، رقم 955) ، والبيهقي في شعب الإيمان (4/188، رقم 4762) جميعاً عن أبي هريرة.

الصفحة 191