كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

يذكرها لأحد فإنها لا تضره» (¬1) .
وينبغي إن رأى في منامه ما يكرهه أن ينفث أي: ينفخ عن يساره ثلاث مرات ويتعوذ من الشيطان، فقد روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الرؤيا الصالحة» وفي رواية «الرؤيا الحسنة من الله والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئاً يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثاً، وليتعوذ من الشيطان فإنها لا تضره» ، وفي رواية «فليبصق» بدل «فينفث» .
قال النووي: والظاهر المراد من النفث: وهو نفخ خفيف لا ريق معه.
وكذلك لمن رأى ما يكره أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه فقد روينا في صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً وليستعذ بالله ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه» (¬2) .
كذلك ينبغي لمن رأى ما يكره أن يقوم ويصلي ويحصل التعوذ المذكور في هذه الأحاديث بأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لكن الأحسن أن يقول عند رؤية ما يكره: اللهم أعوذ بك من عمل الشيطان، وسيئات الأحلام كما ورد ذلك، والسنة للإنسان إذا قص عليه أحد رؤيا أن يقول له: «خيراً رأيت وخيراً يكون، وخيراً تلقى، وشرا توقى، خيراً لنا، وشراً لأعدائنا، الحمد لله رب العالمين» .
وقول عائشة رضي الله عنها «ثم حبب إليه الخلاء» (¬3)
أي: حبب الله له الخلوة
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (6/2563، رقم 6584) ، والنسائي في السنن الكبرى (6/223، رقم 10729) ، وأحمد في مسنده (3/8، رقم 11069) ، وأبو يعلى في مسنده (2/513، رقم 1363) عن أبي سعيد.
(¬2) أخرجه مسلم في صحيحه (4/1772، رقم 2262) عن جابر.
وأخرجه أيضاً: النسائي في السنن الكبرى (4/390، رقم 7653) ، وابن ماجه في سننه (2/1286، رقم 3908) ، وابن أبي شيبة في المصنف (6/179، رقم 30494) ، وعبد بن حميد في مسنده (ص: 319، رقم 1047) ، وأبو يعلى في مسنده (4/180، رقم 2263) ، والبيهقي في شعب الإيمان (4/188، رقم 4761) .
(¬3) قال ابن حجر في الفتح (1/71) : قوله: «حبب» لم يسم فاعله لعدم تحقق الباعث على ذلك، وإن كان كل من عند الله، أو لينبه على أنه لم يكن من باعث البشر، أو يكون ذلك من وحي الإلهام.
والخلاء بالمد: الخلوة، والسر فيه: أن الخلوة فراغ القلب لما يتوجه له.
وحراء بالمد وكسر أوله كذا في الرواية وهو صحيح، وفي رواية الأصيلي بالفتح والقصر وقد حكي أيضاً، وحكي فيه غير ذلك جوازاً لا رواية، هو جبل معروف بمكة.
والغار: نقب في الجبل وجمعه غيران.

الصفحة 194