كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

كجبل أبي قبيس مع أنه أول جبل وضعه الله على الأرض حين صارت قاله مجاهد، وكجبل شبير وغيره، لأن جبل حراء نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صعد على جبل بمكة يقال له: شبير وكان قد طالبه الكفار فقال له شبير بلسان القال لا بلسان الحال: انزل عن ظهري فإني أخاف أن تقتل على ظهري فيعاقبني الله تعالى فقال له جبل حراء: إليَّ يا رسول الله.
وقيل: خصصه بذلك لأنه يرى بيت ربه منه وهو عبادة، كما اختلفوا في عبادته - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة.
فائدة أخرى: قال البغوي في تفسيره: لما تجلى الله للجبل وصار دكاً طار منه ست أجبل وقعت ثلاثة بمكة وهي ثبير وحراء وثور، وثلاثة بالمدينة، وهي أحد وورقان ورضوي (¬1) .
فائدة أخرى: اختلف العلماء رضوان الله عليهم في الغار بأي شيء كانت، كما اختلفوا في عبادته - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة فقيل: كان يعبد بشريعة إبراهيم، وقيل: بشريعة موسى، وقيل: بشريعة عيسى، وقيل: بشريعة نوح، وقيل: بشريعة آدم، وقيل: بشريعة غير ذلك، والذي عليه جمع وحذاق أهل السنة أنه لم يتعبد بشرع أحد بل كان يتعبد كما قاله ابن الملقن بالتفكر قال: ولاخلاف بين أهل التحقيق أنه عليه الصلاة والسلام قبل نبوته هو وسائر الأنبياء منشرح الصدر بالتوحيد والإيمان فانهم لا يليق بهم الشك في شيء من ذلك، ولا خلاف في عصمتهم من ذلك.
وقولها «قبل أن ينزع إلى أهله» أي: كان تعبده في الغار قبل أن يحن إلى أهله
¬_________
(¬1) انظر تفسير البغوي (2/198) .
قلت: وقد روي ذلك في حديث مرفوع أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (6/314) ، والخطيب في تاريخ بغداد (10/440) ، والديلمي في مسند الفردوس (3/150، رقم 4407) عن معاوية بن قرة عن أنس مرفوعاً.
وأورده ابن كثير في تفسيره (2/246) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وقال عقبه: وهذا حديث غريب بل منكر.
وآفته أن فيه: الجلد بن أيوب ذكره ابن حبان في المجروحين (1/210، ترجمة 176) وأخرج حديثه هذا وقال: موضوع لا أصل له.
وأورده ابن حجر في فتح الباري (6/430) فقال: وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي مالك رفعه ... فذكر الحديث وقال عقبه: وهذا غريب مع إرساله.

الصفحة 197