كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

حين من أراد سعادته منهم، وكذلك أتباع العلماء العاملين هم أهل الاستكانة، لا أهل الذين جعلوا الدنيا نصب أعينهم.
«وسألتك أيزيدون أم ينقصون فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم» .
قال العلماء: وزيادتهم دليل على صحة النبوة لأنهم يرون كل يوم يتجدد فيدخل فيه كل يوم طائفة.
«وسألتك أيرتد منهم أحداً سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلوب»
فإن الإيمان لا يدخل قلباً فيخرج منه فإنه يظهر نوراً، ثم لا يزال حتى يتم بالأمور المعتبرة فيه من صلاة وزكاة وغيرها.
لطيفة: حكى الإخباريون أنه كان في زمن فرعون امرأة ماشطة مؤمنة بموسى في الباطن، فبينما هي تمشط جارية من جواري فرعون إذ سقط المشط من يدها فقالت تعساً لفرعون ومن يعبده، فقالت لها الجارية: يا هذه ما هذا الكلام الذي سمعت؟ فقالت: هو كما سمعت، فقالت الجارية لها: فكلامك هذا يدل على أن ربك غير فرعون، فقالت: ورب الكعبة الله ربي وربك ورب فرعون ورب الخلائق أجمعين لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون، قالت الجارية: وأين يكون ربك هذا؟ قالت: في السماء قدرته وفي الأرض سلطانه، قالت لها الجارية: فأنا أخبر فرعون بهذا، قالت الماشطة: دونك وفرعون فأخبريه بما شئت، فدخلت الجارية على فرعون وخرت له ساجده وقالت له: إن فلانة الماشطة تزعم أن لها رباً غيرك فغضب فرعون وبعث إلى زوجها وقال: ما هذا الذي تقول زوجتك؟ قال: وما الذي تقول؟ قال فرعون: تزعم أن لها رباً سواي، قال زوج الماشطة: صدقت، الله ربنا وربك ورب الخلائق أجمعين لا إله إلا الله هو رب العرش العظيم، فاشتد غضبه من كلامه، وقال: لئن لم تنهيا عن هذا الكلام لأغلين لكما الزيت ولأطرحنكما فيه، قال: دونك فأصنع ما أنت صانع، فأمر فرعون بإحضار قدرة ثم ملئت زيتا ثم غلي الزيت، فلما نظرت المرآة إلى غليانة أيقنت بالهلاك والموت، فأقبلت على فرعون وقالت له: إن لي عندك حاجة فقال لها: تقضى، فقالت: إن كان ولابد من عذابنا فقدم أولادي أمامي وفعلت ذلك ليعظم أجرها بصبرها، فأمر فرعون بأولادهم في الزيت وهي تنظر إليهم، فنادها الولد الصغير: يا أماه العجل العجل فإنك على الحق وفرعون على الباطل، وهو من يعبده في النار،

الصفحة 262