كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

عذاب الله لمن أسلم، فلو سلم على من لم يعرفه فبان ذمياً أُستحب أن يسترد سلامة بأن يقول: استرجعت بسلامي تحقيراً له، نعم يجوز للمسلم أن يحيي الذمي بغير السلام بأن يقول: هداك الله أو أنعم الله صباحك، ولو سلم الذمي على المسلم وجب أن يرد عليه ولم يزد في الرد على قوله وعليك لخبر الصحيحين «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» (¬1) ، وفي هذا الصحيح «إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم فقولوا وعليك» (¬2) .
«أما بعد» يجوز في دال أما بعد أربعة أوجه الضم والفتح والرفع مع التنوين والنصب معه أيضاً، واختلف العلماء في أول من نطق بها على أقوال: فقيل: داود، وقيل: قس بن ساعده، وقيل: كعب بن لؤي، وقيل: يعرب بن قحطان، وقيل: سحبان، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولها في خطبة وشبهها روى ذلك عنه عدة من الصحابة.
«فأنا أدعوك بدعائه الإسلام» أو بدعوة الإسلام، أي: آمرك بكلمة التوحيد وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله التي يدعى إليها الأمم.
وفي هذا الصحيح في الجهاد: «أدعوك بدعاية الإسلام» أي: بالكلمة الداعية إلى الإسلام «أسلم تسلم» أي: إن أسلمت تبق سالماً وهذا من محاسن الكلام وبليغة وإيجازه واختصاره، وفيه نوع من البديع وهو الجناس فهو كقوله تعالى ?وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ? [النمل: 44] .
«يؤتك الله أجرك مرتين» جواب ثاني للأمر إن أسلمت تسلم يؤتك الله أجرك مرتين عند الإسلام، كونه كان مؤمناً بعيسى ثم آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال البرماوي آخر كتاب النكاح: «فائدة: قال العلماء: في قوله - صلى الله عليه وسلم - في كتابه الذي كتبه إلى قيصر: «أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين» هذا يدل على أن قيصر كان على دين عيسى - عليه السلام - حين كان حقاً قبل التبديل والنسخ، وإلا فلم يكن له أجره مرتين لو أسلم» .
ويدل على أنه وأصحابه أهل كتاب لأنه خاطبه بيأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ويحتمل أنه يكون تضعيف الأجر له مرتين من جهة إسلامه ومن
¬_________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (5/2309، رقم 5903) ، ومسلم (4/1705، رقم 2163) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(¬2) انظر: صحيح البخاري (5/2309، رقم 5902) رواه البخاري عن ابن عمر.

الصفحة 267