كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

في أيدي الكفار، وعليه يحمل النهي عن المسافرة بالقرآن إلى بلاد العدو.
ومنها: أن فيه دلالة على أن العدو لا يؤمن أن يكذب على عدوه.
ومنها: وجوب العمل بخبر الواحد، وإلا لما بعثه مع دحية وحده، وذلك بإجماع من يعتد به.
ومنها: أن فيه دلالة على جواز مس الجنب أو الكافر ما في الكتاب وغيره إذا كان غير القرآن أكثر.
ومنها: أنه لابد من استعمال الورع في الكتابة، فلا يفرط ولا يفرط، ولهذا قال له: هرقل عظيم الروم.
ومنها: استحباب البلاغة والإيجاز، وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة، فإن قوله: أسلم تسلم في نهاية الاختصار والبلاغة وجمع المعاني.
ومنها: أن من أدرك نبيين متبعاً لهما فله أجره مرتين.
ومنها: أن صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلاماته كان معلوماً لأهل الكتاب علماً قطعيًا، وإنما ترك الإيمان منهم من تركه عنادًا وخوفًا على فوات مناصبهم.
ومنها: أن من كان سببًا للضلالة أو منع هداية كان إثما.
ومنها: استحباب أما بعد في الخطب والمكاتبات ونحوها.
فائدة: ذكر بعض شراح البخاري أن دحية لما قدم على هرقل قال له: يا قيصر أرسلني من هو خير منك، والذي أرسله خير منه ومنك، فاسمع بذل وأجب تنصح، فأنك إن لم تذل لم تفهم، وإن لم تنصح لم تنصف، قال: هات، قال: هل تعلم أكان المسيح يصلي؟ قال: نعم، قال فأني أدعوك إلى من كان المسيح يصلي له، وأدعوك إلى من خلق السماوات والأرض، والمسيح في بطن أمه، وأدعوك إلى هذا النبي الأمي الذي بشر به موسى وبشر به عيسى بن مريم بعده، وعندك من ذلك آثار من علم يكفي من العيان، ويشفي من الخبر، فإن أحببت كان لك الدنيا والآخرة وإلا ذهبت عنك الآخرة وشوركت في الدنيا، اعلم أن لك رباً يقصم الجبابرة ويقرر النعم، فأخذ قيصر الكتاب فوضعه على عينه ورأسه وقلبه، ثم قال: والله ما تركت كتاباً إلا قرأته ولا عالماً إلا سألته، فما رأيت إلا خيراً فأمهلني حتى انظر من كان المسيح يصلي له، وأنا أكره أن أجيبك اليوم بأمر أرى غداً ما هو أحسن منه، فأرجع عنه فيضرني ولا ينفعني، أقم حتى انظر فلم يلبث أن أتته وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
خاتمة: روي أن هرقل وضع كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كتبه في قصعة من ذهب تعظيماً

الصفحة 271