كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

وبين أبويه وأهله الكفار استحباباً، لئلا يفتنوه، ولأنه ربما يثبت على ما وصفه من الإسلام إلى ما بعد بلوغه، فإن بلغ ووصف الكفر هدد فإن أصر رد إليهم، وينبغي أن يتلطف بوالديه ليؤخذ منهما، فإن أبيا فلا حيلولة هذا في أحكام الدنيا، وأما في الآخرة، فإذا أضمر الصبي كما أظهر ثم مات بعدها كان من الفائزين بالجنة، ويعبر عن هذا بصحة إسلامه باطناً لا ظاهراً نعم قال العلماء: يحكم بصحة إسلام الصبي بطريق التبع في ثلاث صور:
الأولى: تبعية الدار فإذا وجد الصبي لقيط في دار الإسلام لا يعرف له أهل يحكم بإسلامه، وان كان فيها أهل ذمة تغليباً للإسلام، أما إذا وجد اللقيط في دار الكفر لم يكن فيها مسلم فاللقيط الموجود فيها محكوم بكفره.
الثانية: تبعية السابي فإذا سبي المسلم طفلاً منفرداً عن أبويه حكم بإسلامه تبعاً للسابي، لأنه صار تحت ولايته كالأبوين، سواء كان السابي بالغاً أو غير بالغ، أو مجنوناً أما إذا سباه ومعه أبواه أو أحدهما فإنه لا يحكم بإسلامه، وكذا لو سباه ذمي لا يحكم بإسلامه ولو باعه لمسلم.
الثالثة: تبعية أصوله فمن كان أحد أبويه مسلماً يوم علوقه، حكم بإسلامه لأنه جزء من مسلم، وكذا إذا كانا كافرين يوم العلوق، ثم أسلما أو أحدهما قبل بلوغ الولد حكم بإسلامه في الحال، وفي معنى الأبوين الجد والجدة سواء الجد للأب وللأم تبعه الطفل سواء كان الأب حياً أو ميتاً لأن التبعية للفرعية، وهي لا تختلف بحياة الأب أو بموته.
الشرط الثاني من شروط الإسلام: العقل فلا يصح إسلام المجنون استقلالاً بل بطريق التبع كما في الصبي، سواء بلغ مجنوناً أو عاقلاً ثم جن.
الشرط الثالث من شروط الإسلام: الاختيار فلا يصح إسلام المكره على الإسلام، وظاهر النظم يقتضي أانه لا فرق بين الذمي وغيره، وليس كذلك بل يقال إذا أكره الذمي على التلفيظ بالشهادتين لا يصح إسلامه في الأصح، بخلاف ما إذا أكره الحربي أو المرتد على الإسلام فإنه يصح إسلام كل منهما، صرح بذلك النووي في الأذكار فقال: لو أكره مسلم كافراً على الإسلام فنطق بالشهادتين، فإن كان الكافر حربياً صح إسلامه، لأنه إكراه بحق، وإن كان ذمياً لم يصر مسلما لأنا إلتزمنا الكف عنهم فأكرهه بغير حق.
الشرط الرابع: التلفيظ بالشهادتين فلا يصح إسلام من صدق بقلبه ولم يتلفظ

الصفحة 281