كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

بلسانه، وهل يتعين في صحة الإسلام التلفيظ بالقول المعروف أعني: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» ، أو يحصل الإسلام بما يؤدي معناها؟
فال الروياني والماوردي: يتعين اللفظ المعروف ولا يحصل الإسلام بغيره، والمذهب المعتمد أنه لا يتعين اللفظ المعروف بل يحصل الإسلام به وبغيره مما يؤدي معناه، كما قاله الحليمي في منهاجه وأقروه عليه.
فلو قال: لا إله سوى الله، أو لا إله ما عدا الله، أو ما من إله إلا الله، ولا إله إلا الله الرحمن، أو لا رحمن إلا الله، أو لا إله الله البارئ، أو لا بارئ إلا الله كان كقوله: لا إله إلا الله، ولو قال: أحمد رسول الله أو أبو القاسم رسول الله كان كقوله محمد رسول الله، ولو قال كافر: آمنت بالله أو أسلمت بالله أو أسلمت وجهي لله فإن كان يشرك بالله غيره لم يصر مؤمناً بدون ذلك، ولو قال آمنت بالله وبمحمد كان مؤمناً بالله لإثبات الإله، ولا يكون مؤمناً بنبوة محمد حتى يقول بمحمد النبي أو محمد رسول الله، ولو قال: آمنت بمحمد النبي صح إيمانه برسول الله بخلاف ما لو قال: آمنت بمحمد الرسول، لأن النبي لا يكون إلا لله تعالى، والرسول قد يكون لغيره، ولو قال: الكافر لا إله إلا الملك أو لا إله إلا الرازق لم يكن مؤمن لأنه قد يريد بذلك السلطان الذي له جند يرتب أرزاقهم، بخلاف ما لو قال لا ملك إلا الله ولا رازق إلا الله فإنه يحكم بإسلامه، وهو قال يهودي إني بريء من اليهودية أو نصراني أنا بريء من النصرانية لم يحكم بإسلامه لأن ضد اليهودية والنصرانية غير منحصر في الإسلام.
ولو قال الكافر الإسلام وحق لم يكن مؤمناً، لأنه قد يقر بالحق ولا ينقاد له، ولو نطق الكافر بالشهادتين بغير إكراه فإن كان على سبيل الحكاية بأن قال: سمعت زيداً يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، لم يحكم بإسلامه، وإن نطق بهما بعد استدعاء مسلم بأن قال له مسلم قل لا إله إلا الله محمد رسول الله فقالهما صار مسلماً، وكذا لو نطق بهما ابتداء من غير استدعاء ولا حكاية فإنه يحكم بإسلامه كما قاله الجمهور.
ولو نطق الكافر بالشهادتين صح إسلامه وإن لم يقل وأنا برئ من كل دين يخالف دين الإسلام، إلا أن يكون من كفار يعتقدون اختصاص الرسالة بالعرب، فلا يحكم بإسلام العيسوية من اليهود وهم أبتاع أبي عيسى الأصبهاني اليهودي يقولون: إنه أرسل إلى العرب خاصة، دون بني إسرائيل فلا يكفي في إسلام واحد منهم الإتيان بالشهادتين فقط، بل لابد من البراءة المذكورة، أو يقول محمد رسول الله إلى جميع الخلق.

الصفحة 282