كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

ولو قال الكافر: الصلاة واجبة علي الصوم أو غيره من أركان الإسلام وهو على خلاف عقيدته التي كان عليها لا يصير بذلك مسلماً على الأصح، ولو اقتصر الكافر على قول لا إله إلا الله لا يكون مسلماً على الأصح الذي عليه الجمهور.
وقيل: ويطالب بالشهادة فإن أبي جعل مرتداً ولو أشار الأخرس الكافر بالشهادتين إشارة مفهمة إسلامه، وقيل: لا يحكم بإسلامه إلا إذا صلى.
فائدة: يصح إسلام الكافر بجميع اللغات كما ذكره النووي في الروضة في الظهار، فلو نطق أعجمي بلسان صح إسلامه، وإن كان قادراً على النطق بالعربية لوجود الإقرار، ولكن إذا لقن الكافر الأعجمي كلمتي الإسلام بالعربية فنطق فصح بشرط أن يعلم معنى الشهادتين، فإن لم يعرف معناها لم يحكم بإسلامه، وكذا إذا نطق بهما بغير لغته أيّ لغة كانت يصح إسلامه بشرط أن يعرف المعنى.
قال في الأنوار: وأن يعرفه غيره ويكفي واحد.
فائدة أخرى: لو قال الكافر لا إله إلا الله عيسى رسول الله وموسى رسول الله وكذا غيره من الأنبياء قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بإسلامه، لأن الإقرار برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - إقرار برسالة من قبله لأنه شهد لهم وصدقهم.
قال الرافعي (¬1) : ويتوجه أن يقال كما أن محمد - صلى الله عليه وسلم - شهد لهم وصدقهم فقد شهدوا له وبشروا به أي: فينبغي الصحة بذلك.
وأجاب القاضي زكريا عن ذلك: بأن شريعته ناسخة لما قبلها باقية بخلاف شريعة غيره.
الشرط الخامس: الجهر بما تلفظ به، قال المولى سعد الدين في شرح المقاصد: ولا يخفى أن الإقرار لأجل الأحكام لابد، وأن تكون على وجه الإعلان والإظهار للإمام وغيره.
الشرط السادس: الترتيب بين كلمتي الشهادة، بأن يقول أولاً لا إله إلا الله ثم يقول محمد رسول الله، فلو قال الكافر أولاً محمد رسول الله ثم قال ثانياً لا إله إلا الله لا يصح إسلامه.
قال ابن الملقن: وهذا الشرط اشترطه القاضي أبو الطيب من أصحابنا ولم أر من وافقه ولا من خالفه.
¬_________
(¬1) الرافعي هو: عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم، أبو القاسم الرافعي القزويني ولد سنة: 557 هـ‍، فقيه، من كبار الشافعية، كان له مجلس بقزوين للتفسير والحديث، وتوفي فيها سنة: 623 هـ‍، نسبته إلى رافع بن خديج الصحابي. له: التدوين في ذكره أخبار قزوين، والإيجاز في أخطار الحجاز، والمحرر في الفقه، وفتح العزيز في شرح الوجيز للغزالي في الفقه أيضاً، وشرح مسند الشافعي، وغيرها من المصنفات المفيدة في بابها.

الصفحة 283