كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

وروى ابن وهب (¬1) أن حمام مكة أظلت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة فدعا لها بالبركة.
ومما يدل على كراهة اللعب بالحمام الطيارة ما في سنن أبي داود وابن ماجة والطبراني وابن حبان بإسناد جيد عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يتبع حمامة فقال: «شيطان يتبع شيطانة» (¬2) .
وهو محمول على إدمان صاحب الحمام على طيرانه والاشتغال به، والارتقاء بسببه إلى السطوح التي يشرف منها على بيوت الجيران وحرمتهم لأجله، وسمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحمام شيطاناً لأنه لا يكاد يخلو من عصيان العاصي يقال له: شيطان قال تعالى ?شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ? [الأنعام: 112] وأطلق على الحمامة شيطان مجاورة، ولا ترد الشهادة بمجرد اللعب عندنا بها، خلافاً لأبي حنيفة ومالك فإن انضم إليه قماراً ونحوه ردت الشهادة.
واستشكل العلماء سؤال السيد إبراهيم إحياء الموتى ليزداد يقينه وإيمانه يقول سيدنا علي: لو كشف الغطاء ما ازدادت يقيناً أي: لو كشف لي الغطاء عن الأمور المغيبة، من الحشر والنشر والحساب وكيفية إحياء الموتى ونحوها بأن شدتها واقعة ما ازددت بسبب وقوعها يقيناً بها.
ووجه الإشكال أن قول سيدنا علي يقتضي أنه لا يزداد يقينه عند رؤية إحياء الموتى ولا عند جميع الأمور المغيبة، والسيد إبراهيم طلب ذلك لأجل يقينه وإيمانه فيلزم أن يكون مقام سيدنا علي أعلى من مقام السيد إبراهيم مع أن مقام إبراهيم أعلى بالإجماع للقطع بأنه لا يصل ولي إلى درجة الأنبياء، وقد جمع العلماء بين القولين بما لا نطول بذكره.
«وإبراهيم» سرياني معناه بالعربية «أب راحم» ، وقيل: «رحيم» ذكره الله تعالى في القرآن في إحدى وسبعين موضعاً، وفيه سبع لغات أشهرها إبراهيم، ويقال: «إبراهام» وبها قرئ في السبعة، وكان مولده -صلوات الله وسلامه عليه- ببابل من أرض السواد بناحية يقال لها: «كوش» كما صححه ابن الملقن في زمان النمروذ بن
¬_________
(¬1) ابن وهب هو: أحمد بن سليمان بن وهب، أبو الفضل: كاتب له شعر، من أهل بغداد، من بيت وزارة وفضل. تقلد أعمالاً منها النظر في جباية الأموال، وله ديوان شعر، وديوان رسائل. وكانت وفاته في سنة: 285 هـ‍.
(¬2) أخرجه أبو داود في سننه (4/285، رقم 4940) ، وابن ماجه في سننه (2/1238، رقم 3765) ، وابن حبان في صحيحه (13/183، رقم 5874) عن أبي هريرة.
والحديث عند البخاري في الأدب المفرد (1/441، رقم 1300) ، وأحمد في المسند (2/345، رقم 8524) ، والبيهقي في السنن الكبرى (10/213، رقم 20730) ، وفي شعب الإيمان (5/244، رقم 6534) .

الصفحة 321