كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

يندفع ما أورد على أمثاله.
فإن قيل: الأربعة الأخيرة مبنية على الشهادتين، لا يصح شيء منها إلا بعد الشهادة فالأربعة مبنية والشهادة مبنى عليها فلا يجوز إدخالها في سلك واحد.
فالجواب: أنه لا محذور في أن يبنى أمر على أمر ثم الأمران يكون مبنياً عليهما شيء آخر.
قال قيل: مفهوم هذا الحديث يقتضي إن لم يباشر الإسلام لا يصح منه، فيشكل عليه الصور التي يصح فيها إسلام الصبي بطريق التتبع ولم يباشر الإسلام بنفسه.
فالجواب: أن عموم هذا الحديث مخصوص بمنطوق قوله تعالى ?وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم? [الطور: 21] ويكون في الحديث دليل على تخصيص عموم مفهوم السنة بخصوص منطوق القرآن.
فإن قيل: لأي شيء لم يذكر الجهاد معها.
فالجواب عنه: بأنه فرض كفاية ولا يعين إلا في بعض الصور.
فإن قيل: ظاهر الحديث يقتضي أن من ترك شيئاً من الأربعة الأخيرة لا يكون مسلماً.
فالجواب: أن الإجماع صرف الحديث عن ظاهره فإن الإجماع قائم على أن الإنسان يدخل في الإسلام بالشهادتين، وإنما ذكر الباقي معها تعظيماً للشأن كما تقدم، فلا يخرج عن الإسلام بترك واحد منها.
قال البرماوي وغيره: أجمعوا على أنه لا يكفر بترك الصوم والصلاة، وأما قول أحمد بن حنبل بكفر تارك الصلاة فدليل آخر نحو «من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر» وسنذكر الجواب عنه في محله.
وقوله «شهادة أن لا إله إلا الله» وما عطف عليه مجرور بأنه بدل من خمس، بدل الكل من الكل، أو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: في أحدها شهادة أن لا إله إلا الله، أو على أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره: منها شهادة أن لا إله إلا الله.
و «أن» في «أن لا إله إلا الله» مخففة من الثقيلة ولهذا عطف عليه «أن محمد رسول الله» .
والمراد بإقام الصلاة: المداومة أو مطلق الإتيان بها، والمراد بإيتاء الزكاة: إخراج جزء من المال على وجه مخصوص، وتسمى هذه الخمسة أركان الإسلام ودعائمه.
قال العلماء: شبه - صلى الله عليه وسلم - الإسلام بشيء له دعائم فذكر المشبه وأسند إليه ما هو

الصفحة 337