كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

أنا صاعد بشهادة فلان إلى الله تعالى فيقول الآخر: وإنا نازل إليه من عند الله ومعي براءة من النار» (¬1) .
يقول الله تعالى: عبادي سارعوا إلى بابي أكتبكم من أحبابي، سارعوا إلى خدمتي أسبغ عليكم نعمتي، سارعوا إلى دعائي وسؤالي غفر لكم ولا أبالي، سارعوا إلى الطاعة أغفر لكم في الحال والساعة، يا عبدي كل من قصد باب ملك وجد عليه بواباً ثم المرتب ثم الحاجب، ثم صاحب الستر قبل أن يصل إلى الملك، وأنا يا عبدي ليس على بابي بواب ولا دوني حجاب، متى أتيت بابي وقصدتني وصلت إلي ووجدتني، وإلى ذلك أشار من قال:
إذا ما الليل غلق كل باب ... وأسدلت الملوك لها ستورا
أتاك القاصدون بكل معنى ... أصابوا الباب مفتوحاً منيرا
من أركان الإسلام الصلاة، وهي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين، بل أفضل العبادات البدنية فرضها ونفلها، فلهذا ذكرها - صلى الله عليه وسلم - بعد الشهادتين وقدمها على بقية الأركان، وإنما قلنا أفضل العبادات البدنية الصلاة احتراز عن شيئين، عن العبادات القلبية كالأيمان والمعرفة والتوكل ونحوهما، فإنها أفضل من العبادات البدنية، وعن العبادات المالية فإن العلماء اختلفوا فيها في العبادات البدنية.
فذهب الفارقي إلى أن المالية كالزكاة أفضل من البدنية «الصلاة» لتعدي النفع بها، ونازعة في ذلك ابن عبد السلام، ورجح أن الصلاة أفضل من الزكاة قال: ويؤيده أن البيهقي نقل عن الشافعي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الصلاة أعظم من الزكاة» (¬2) والله أعلم.
¬_________
(¬1) لم نقف عليه.
(¬2) هذا الخبر لم نقف عليه عند البيهقي، وربما رواه الشافعي في مذهبه القديم وأسنده، فإننا وجدنا أن الشافعي رحمه الله أتى به في الأم (1/255) ولكن لم يشر إلى أنه حديث وذلك في: فصل الحكم في تارك الصلاة، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: من ترك الصلاة المكتوبة ممن دخل في الإسلام قيل له: لم لا تصلى؟ فإن ذكر نسياناً قلنا: فصل إذا ذكرت وإن، ذكر مرضاً قلنا: فصل كيف أطقت قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً أومومئاً، فإن قال: أنا أطيق الصلاة وأحسنها، ولكن لا أصلى وإن كانت علي فرضاً، قيل له: الصلاة عليك شيء لا يعلمه عنك غيرك، ولا تكون إلا بعملك، فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك، «فإن الصلاة أعظم من الزكاة» والحجة فيها ما وصفت من أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال: «لو منعوني عقالاً مما أعطوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه لا تفرقوا بين ما جمع الله» .

الصفحة 340