كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

بماء البحر لمزجته» (¬1) أي: خالطتة مخالطة يتغير بها طعمه وريحه لشدة نتنها وقبحها. رواه الترمذي وحسنه وصححه.
فهذا حديث من أبلغ الزواجر عن الغيبة إذا كان هذا شأن كلمة هي في المقول فيها، فإن عائشة قالت عنها: إنها قصيرة وكانت قصيرة، فكيف حال من يتكلم في غيره بكلمة مفتراه فيه، إنا لله وإنا إليه راجعون من كلمة توقع الإنسان في الهلاك.
وجاء في حديث عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا أخي يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» (¬2) رواه أبو داود.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله» (¬3) رواه مسلم.
قال العلماء: وسامع الغيبة شريك المغتاب فكما تحرم الغيبة يحرم استماعها، ويجب إنكارها إن لم يخف ضرراً وإن خاف ضررا فارق ذلك المجلس، فإن لم يقدر على المفارقة بذكر أو غيره لا يضره بعد ذلك السماع من غير استماع، فيجب على كل من سمع غيبة أخيه أن يرى باباً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن من فعل ذلك فقد فار فوزاً عظيما، فقدر ورد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» (¬4)
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
¬_________
(¬1) أخرجه أبو داود في سننه (4/269، رقم 4875) ، والترمذي في سننه (4/660، رقم 2502) ، وأحمد في مسنده (6/189، رقم 25601) ، والبيهقي في شعب الإيمان (5/301، رقم 6721) عن عائشة.
(¬2) أخرجه أبو داود فس سننه (4/269، رقم 4878) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
وأخرجه أيضاً: أحمد في مسنده (3/224، رقم 13364) ، والطبراني في المعجم الأوسط (1/7، رقم 8) ، والبيهقي في شعب الإيمان (5/299، رقم 6716) ، والديلمي في مسند الفردوس (3/430، رقم 5319) ، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (6/265، رقم 2286) .
(¬3) أخرجه مسلم في صحيحه (4/1986، رقم 2564) ، والترمذي في سننه (4/325، رقم 1927) ، وابن ماجه في سننه (2/1298، رقم 3933) ، وأحمد في مسنده (2/277، رقم 7713) ، والبيهقي في السنن الكبرى (6/92، رقم 11276) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬4) أخرجه الترمذي في سننه (4/327، رقم 1931) عن أبي الدرداء وقال: هذا حديث حسن.
وأخرجه أيضاً: أحمد في مسنده (6/449، رقم 27576) ، والحارث في مسند (2/836، رقم 881) ، والبيهقي في شعب الإيمان (6/110، رقم 7634) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء (7/258) .

الصفحة 380