كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

فخرج الأعرابي من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقي ألف أعرابي على ألف دآبة بألف سيف وألف رمح فقال لهم: أين تريدون؟ فقالوا: نريد الذي يكذب ويزعم أنه نبي، فقال الأعرابي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقالوا له: صبوت فحدثهم بحديثه، فقالوا كلهم: لا إله إلا الله محمد رسول الله، قالوا: يا رسول الله مرنا بأمرك فقال: «كونوا تحت رآية خالد بن الوليد» فلم يؤمن من العرب ألف غيرهم (¬1) .
نقل ابن الجوزي في بعض مصنفاته عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الضب أنشأ يقول:
ألا يا رسول إنك صادق ... فبوركت مهدياً وبوركت هاديا
شرعت لنا دين الحنفية بعد ما ... عبدنا كأمثال الحمير الطواغيا
فيا خير مدعي ويا خير مرسل ... إلى الجن ثم الإنس لبيك داعيا
أتيت ببرهان من الله واضح ... فأصبحت فينا صادق القول داعيا
فبوركت في الأحوال حياً وميتاً ... وبوركت مولوداً وبوركت ناشئا
والضب حيوان بري معروف يعيش سبعمائه سنة فصاعداً، ويبول في كل أربعين يوم قطرة، ولا يسقط له سن، ويقال: إنه سنة قطعة واحدة وأكله حلال بالإجماع، لكن ما أكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد روى الشيخان عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له: أحرام هو؟ قال: «لا ولكنه لم يكن بأرض قومي» (¬2) .
¬_________
(¬1) أخرجه الطبراني في المعحم الأوسط (6/126برقم 5996) ، وفي المعجم الصغير (2/153برقم 948) ، والأصبهاني في دلائل النبوة (ص:321) عن ابن عمر.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/294) : رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه محمد بن علي بن الوليد البصري قال البيهقي: والحمل في هذا الحديث عليه، قلت -أي الهيثمي -: وبقية رجاله رجال الصحيح.
ومحمد بن على بن الوليد ترجم له الذهبى فى المغنى (2/616رقم 5837) ، والميزان (6/263رقم7970) وقال: يروي عن العدني، وروى عنه الطبراني وابن عدي، وروى البيهقي حديث الضب من طريقه بإسناد نظيف، ثم قال البيهقي: الحمل فيه على السلمي هذا، وصدق البيهقي فالخبر باطل، وتبع الحافط ابن حجر الذهبى فى اللسان (5/292) وزاد عليه بقوله: وروى عنه الإسماعيلي في معجمه، وقال: بصري منكر الحديث.
(¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (5/2060، رقم 5076) ، ومسلم في صحيحه (3/1543، رقم 1945) من حديث ابن عباس.

الصفحة 412