كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

وفي رواية لمسلم «لا آكله ولا أحرمه» (¬1) .
وفي أخرى «كلوه فإنه من حلال لكنه ليس من طعامي» (¬2)
، ولا يكره أكله عندنا خلافاً لبعض أصحاب أبي حنيفة.
لطيفة: ذكر حجة الإسلام الغزالي في الإحياء عن أبي جعفر الصيدلاني قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ومعه جماعة وإذا بملكين نزلا من السماء مع أحدهما طست والآخر إبريق فغسل النبي - صلى الله عليه وسلم - يده ثم واحد بعد واحد حتى أتوا إليّ فقال أحدهم: ليس هو منهم، فقلت: يا رسول الله أنت قلت: المرء مع من أحب، وأنا أحب هؤلاء فقال - صلى الله عليه وسلم -: صبوا على يده فإنه منهم.
فائدة: محبة الله أعظم القربات، وأفضل الطاعات، وهي متوقفة على امتثال أوامره واجتناب نواهية، ويدل على ذلك قول الله تعالى ?قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ? [آل عمران: 31] .
وعلامة محبة العبد لله طاعة له وعدم عصيانه كما أشار إلى ذلك بعضهم بقوله:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يجب مطيع
فمحبة العبد للرب طاعة ومحبة الرب سبحانه وتعالى للعبد عفوه عنه، وإنعامه عليه برحمته.
قال في الروض الفائق: كان داود - عليه السلام - يقول: اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إليَّ من نفسي وأهلي ومن
¬_________
(¬1) الرواية عند مسلم في الصحيح (3/1542، رقم 1943) عن نافع عن ابن عمر قال سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الضب ... فذكره.
ورواه البخاري معلقاً (6/2677) في «باب الأحكام التي تعرف بالدلائل» .
(¬2) هذه الرواية عند البخاري في الصحيح (6/2652، رقم 6839) عن توبة العنبري قال: قال لي الشعبي أرأيت حديث الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقاعدت ابن عمر قريباً من سنتين أو سنة ونصف فلم أسمعه يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا قال: كان ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم سعد فذهبوا يأكلون من لحم فنادتهم امرأة من بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه لحم ضب فأمسكوا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلوا أو اطعموا فإنه حلال أو قال لا بأس به شك فيه ولكنه ليس من طعامي» .
وأخرجه أيضاً مسلم في صحيحه (3/1542، رقم 1944) .

الصفحة 413